ثم يعرف فيما حقّه الوصل موضع «الواو» من موضع «الفاء»، وموضع «الفاء» من موضع «ثم»، وموضع «أو» من موضع «أم»، وموضع «لكن» من موضع «بل».

ويتصرّف في التعريف، والتنكير، والتقديم، والتأخير، في الكلام كله، وفي الحذف، والتكرار، والإضمار، والإظهار، فيصيب بكلّ من ذلك مكانه، ويستعلمه على الصّحة وعلى ما ينبغي له.

هذا هو السبيل، فلست بواجد شيئا يرجع صوابه إن كان صوابا، وخطؤه إن كان خطأ إلى «النظم»، ويدخل تحت هذا الاسم، إلّا وهو معنى من معاني النحو قد أصيب به موضعه، ووضع في حقه، أو عومل بخلاف هذه المعاملة، فأزيل عن موضعه، واستعمل في غير ما ينبغي له، فلا ترى كلاما قد وصف بصحّة نظم أو فساده، أو وصف بمزيّة وفضل فيه، إلا وأنت تجد مرجع تلك الصحة وذلك الفساد وتلك المزية وذلك الفضل، إلى معاني النحو وأحكامه، ووجدته يدخل في أصل من أصوله، ويتّصل بباب من أبوابه.

هذه جملة لا تزداد فيها نظرا، إلا ازددت لها تصوّرا، وازدادت عندك صحة، وازددت بها ثقة. وليس من أحد تحرّكه لأن يقول في أمر «النظم» شيئا، إلا وجدته قد اعترف لك بها أو ببعضها، ووافق فيها درى ذلك أو لم يدر. ويكفيك أنّهم قد كشفوا عن وجه ما أردناه حيث ذكروا فساد «النظم»، فليس من أحد يخالف في نحو قول الفرزدق: [من الطويل]

وما مثله في النّاس إلّا مملّكا ... أبو أمّه حيّ أبوه يقاربه (?)

وقول المتنبي: [من الكامل]

ولذا اسم أغطية العيون جفونها ... من أنّها عمل السّيوف عوامل (?)

وقوله: [من الكامل]

الطّيب أنت إذا أصابك طيبه، ... والماء أنت إذا اغتسلت الغاسل (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015