بالمعنى شيئا، وترون أنه لا يحدث فيه مزية على وجه من الوجوه. وإذا كان كذلك، فمن أين، ليت شعري، يكون أحقّ به؟ فاعرفه.
ثم إن أردت مثالا في ذلك، فإنّ من أحسن شيء فيه، ما صنع أبو تمام في بيت أبي نخيلة، وذلك أن أبا نخيلة قال في مسلمة بن عبد الملك: [من الطويل]
أمسلم، إنّي يا ابن كلّ خليفة، ... ويا جبل الدّنيا، ويا واحد الأرض
شكرتك، إنّ الشّكر حبل من التّقى، ... وما كلّ من أوليته صالحا يقضي
وأنبهت لي ذكري، وما كان خاملا، ... ولكنّ بعض الذّكر أنبه من بعض (?)
فعمد أبو تمام إلى هذا البيت الأخير فقال: [من الطويل]
لقد زدت أوضاحي امتدادا، ولم أكن ... بهيما، ولا أرضي من الأرض مجهلا
ولكن أياد صادفتني جسامها ... أغرّ، فأوفت بي أغرّ محجّلا (?)
وفي «كتاب الشعر والشعراء» للمرزباني فصل في هذا المعنى حسن. قال:
ومن الأمثال القديمة قولهم: «حرّا أخاف على جاني كمأة لا قرّا» (?)، يضرب مثلا للذي يخاف من شيء فيسلم منه ويصيبه غيره مما لم يخفه، فأخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال: [من الكامل]
وحذرت من أمر فمرّ بجانبي ... لم ينكني، ولقيت ما لم أحذر (?)