وقال لبيد: [من المنسرح]
أخشى على أربد الحتوف، ولا ... أرهب نوء السّماك والأسد (?)
قال: وأخذه البحتريّ فأحسن وطغى اقتدارا على العبارة، واتّساعا في المعنى، فقال: [من الكامل]
لو أنّني أوفي التّجارب حقّها ... فيما أرت، لرجوت ما أخشاه
وشبيه بهذا الفصل فصل آخر من هذا الكتاب (?) أيضا، أنشد لإبراهيم بن المهديّ: [من السريع]
يا من لقلب صيغ من صخرة ... في جسد من لؤلؤ رطب
جرحت خدّيه بلحظي، فما ... برحت حتّى اقتصّ من قلبي (?)
ثم قال: قال عليّ بن هارون: أخذه أحمد بن أبي فنن معنى ولفظا فقال:
أدميت باللّحظات وجنته ... فاقتصّ ناظره من القلب (?)
قال: ولكنه بنقاء عبارته وحسن مأخذه، قد صار أولى به.
ففي هذا دليل لمن عقل أنهم لا يعنون بحسن العبارة مجرّد اللفظ، ولكن صورة وصفة وخصوصية تحدث في المعنى، وشيئا طريق معرفته على الجملة العقل دون السمع، فإنّه على كل حال لم يقل في البحتري أنه «أحسن فطغى اقتدارا على العبارة»، من أجل حروف.