حركاته، ومن ترتيب بينها وبين سكناته؟ أم لفواصل في أواخر آياته؟ من أين تليق هذه الصّفة وهذا التشبيه بذلك؟.
أم ترى أنّ ابن مسعود حين قال في صفة القرآن: «لا يتفه ولا يتشانّ» (?)، وقال: «إذا وقعت في آل حم، وقعت في روضات دمثات أتأنّق فيهنّ» (?)، أي أتتبّع محاسنهن، قال ذلك من أجل أوزان الكلمات، ومن أجل الفواصل في أواخر الآيات؟.
أم ترى أنهم لذلك قالوا: «لا تفنى عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرّدّ».
أم ترى الجاحظ حين قال في كتاب النبوة: «ولو أنّ رجلا قرأ على رجل من خطبائهم وبلغائهم سورة واحدة، لتبيّن له في نظامها ومخرجها، من لفظها وطابعها أنه عاجز عن مثلها، لو تحدّي بها أبلغ العرب لأظهر عجزه عنها»، لغا ولغط فليس كلامه (?) هذا مما ذهبوا إليه في شيء.
وينبغي أن تكون موازنتهم بين بعض الآي وبين ما قاله الناس في معناها، كموازنتهم بين: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ [البقرة: 179]، وبين: «قتل البعض إحياء للجميع»، خطأ منهم، لأنا لا نعلم لحديث التّحريك والتّسكين وحديث الفاصلة مذهبا في هذه الموازنة، ولا نعلمهم أرادوا غير ما يريده الناس إذا وازنوا بين كلام وكلام في الفصاحة والبلاغة ودقّة النّظم وزيادة الفائدة، ولولا أنّ الشيطان قد استحوذ على كثير من الناس في هذا الشأن، وأنّهم بترك النّظر، وإهمال التدبّر وضعف النّية، وقصر الهمّة، قد طرّقوا له حتى جعل يلقي في نفوسهم كلّ محال وكلّ باطل، وجعلوا هم يعطون الذي يلقيه حظّا من قبولهم، ويبوّءونه مكانا من قلوبهم، لما بلغ من قدر هذه الأقوال الفاسدة أن تدخل في تصنيف، ويعاد ويبدأ في تبيين لوجه الفساد فيها وتعريف.
ثمّ إن هذه الشّناعات التي تقدّم ذكرها، تلزم أصحاب «الصّرفة» (?) أيضا، وذاك