كل ذلك توصّل إلى إثبات الصفة في الممدوح بإثباتها في المكان الذي يكون فيه، وإلى لزومها له بلزومها الموضع الذي يحله. وهكذا إن اعتبرت قول الشّنفرى يصف امرأة بالعفة: [من الطويل]
يبيت بمنجاة من اللّؤم بيتها ... إذا ما بيوت بالملامة حلّت (?)
وجدته يدخل في معنى بين «زياد»، وذلك أنه توصّل إلى نفي اللّؤم عنها وإبعادها عنه، بأن نفاه عن بيتها وباعد بينه وبينه، وكان مذهبه في ذلك مذهب «زياد» في التوصل إلى جمع «السماحة والمروءة والندى» في ابن الحشرج، بأن جعلها في القبة المضروبة عليها. وإنّما الفرق أنّ هذا ينفي، وذاك يثبت. وذلك فرق لا في موضع الجمع، فهو لا يمنع أن يكونا من نصاب واحد.
وممّا هو في حكم المناسب لبيت «زياد» وأمثاله التي ذكرت، وإن كان قد أخرج في صورة أغرب وأبدع، قول حسان رضي الله عنه: [من الطويل]
بنى المجد بيتا فاستقرّت عماده ... علينا، فأعيى النّاس أن يتحوّلا (?)
وقول البحتري: [من الكامل]
أو ما رأيت المجد ألقى رحله ... في آل طلحة ثمّ لم يتحوّل (?)
ذاك لأنّ مدار الأمر على أنه جعل المجد والممدوح في مكان، وجعله يكون حيث يكون.