"خرج" معنى مِنْ دون أن تَنويَ فيه ضميرَ "زيد"؟ 1 وهل تكونُ إِن أنتَ زعمتَ أنك لم تنوِ ذلك إِلا مُخْرِجاً نفسَك إلى الهَذَيان؟ 2 وكذلكِ فانظر إِذا قيلَ لك: "كيفَ زيدٌ"؟، فقلتَ: "صالحٌ": هل يكونُ لقولِكَ: "صالح" أثرٌ في نفسِك من دون أن تريدَ "هو صالح"3؟ أم هل يعقل السامع شيئًا إن هو لم يعتقد ذلك؟ 4.
إذا ثبت ذلك5، فإنه مالًا يبقَى معه لعاقل شَكٌّ6، أن الخبرَ معنى لا يتصوَّر إِلا بين شيئينِ يكونُ أَحدُهما مثْبَتاً، والآخَرُ مثبَتاً له، أو يكونُ أحدُهما منفييًا، والآخَرُ منفيّاً عنه وأنه لا يُتصوَّر مثُبَتٌ من غيرِ مثبَتٍ له، ومنفيٌّ من دونِ مَنْفيٍّ عنه. فلما كان الأمرُ كذلك، أَوجَبَ ذلك أنْ لا يُعْقَلَ إلاَّ من مجموع جملةِ فعْلٍ واسمٍ7، كقولِنا: "خرجَ زيدٌ"، أو اسمٍ واسمٍ، كقولنا: "زيدٌ منطلقٌ". فليس في الدنيا خبرٌ يعرفُ من غيرِ هذا السبيلِ، وبغيرِ هذا الدليلِ، وهو شيء يعرفُه العقلاء في كل جبل وأمة، وحكمٌ يجري عليه الأمرُ في كلِّ لسان ولغة8.