لتلك المعاني1، وكونِها مُرادةً بها. أفلاَ تَرى إلى قولهِ تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 31]، أَفتَرى أَنَّه قيلَ لهم: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ}، وهم لا يعرفون المشار إليهم بهؤلاء؟

636 - وإذْ قد عرفتَ هذه الجملةَ، فاعلمْ أَنَّ معاني الكلام كلَّها معانٍ لا تُتصوَّر إِلا فيما بين شيئين، والأصل والأولُ هو "الخبر"، وإِذا أحكمتَ العلم بهذا المعنى فيه عرفتَه في الجميع. ومن الثابتِ في العقولِ والقائمِ في النفوسِ، أنه لا يكونُ خبرٌ حتى يكونَ مخبَرٌ به وَمُخبرٌ عنه، لأنه ينقَسِم إلى "إثبات" و "نفي"، و "الإثبات" يقتضي مثبتًا ومثبتًا له، و "النفي" يقتضي مَنفياً ومنفياً عنه. فلو حاولتَ أنْ تتصور إثبات معنى او نفيه، من غير أن يكونَ هناكَ مُثبتٌ له ومنفيٌّ عنه، حاولتَ ما لا يَصِحُّ في عَقْلِ، ولا يقع في وهم. من أجل ذلك امته أن يكون لك قصد إلى فعل من غير أن تريد إسناده إلى شيء2، وكنت إذا قلت: "ضرب"، لم تستطيع أن تريد منه معنى في نفسك، من غير أن تريد الخبر به عن شيء مظهر أو مقدر، وكان لفظُكَ به، إِذا أنتَ لم تُرِدْ ذلك، وصوتًا تصوته، سواء3.

367 - وإن أردت أن يستحكم معرفةُ ذلكَ في نفسِكَ، فانظرْ إِليك إِذا قيلَ لك: "ما فعلَ زيدٌ"؟ فقلتَ: "خرجَ"، هَلْ يتصوَّرُ أن يقعَ في خَلَدِك من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015