و "العين" من شبَه النرجس1 شيئاً، فلا تَحْسَبنَّ أنَّ سبب الحسن الذي تراه فيه، والأربحية التي تجدها عنده، أنه أفاذك ذلك فحسْبُ. وذاكَ أنك تستطيعُ أنْ تجيءَ به صريحاً فتقول: "فأسبَلَت دمعاً كأنه اللؤلُؤ بعينه، من عينِ كأنها النرجسُ حقيقة"، ثم لا تَرى من ذلك الحسْن شيئاً. ولكن اعلمْ أنَّ سبَب أنْ راقَك، وأَدْخَلَ الأريحيةَ عليك، أنه أفادكَ في إثباتِ شدَّة الشبةِ مزيَّة، وأوْجَدَك فيه خاصةً قد غُرِزَ في طبْع الإنسانِ أن يَرتاحَ لها2، ويَجِدَ في نفسِه هِزَّةً عندها، وهكذا حكْم نظائِرِه كقولِ أبي نواس:
تَبْكي فتُذري الدرَّ عن نرجسٍ ... وتَلْطِمْ الوردَ بعناب3
وقول المتبني:
بدَتْ قَمراً ومالتْ خُوطَ بانٍ ... وفاحَتْ عَنْبَراً ورنت عغزالًا4
إذا ظهر التشبيه في "الاستعارة" فبحت:
532 - واعلمْ أنَّ مِن شأنِ "الاستعارةِ" أنك كلما زدْتَ إرادتَكَ التشبيهَ إخفاءَ، ازدادتِ الاستعارةُ حُسْناً، حتى إنَّك تَراها أغْرَبَ ما تكونُ إذا كان الكلامُ قد أُلِّف تأليفاً إن أردتَ أن تُفْصح فيه بالتشبيه، خرجْتَ إلى شيءٍ تعافه النفس ويلفظه المسع، ومثال ذلك قول ابن المعتز: