تفسيرُ ذلك: أنَّ الأصلَ مبتدأٌ ... تَلْقى له خبراً مِنْ بَعدُ تُثنيهِ
هذان أصلانِ، لا تأتيك فائدة ... من منطقٍ لم يكونا من مَبانيهِ
وما يَزيدكُ من بَعْدِ التمام. فما ... سلَّطْتَ فِعلاً عليه في تعدِّيهِ
هذي قوانينُ، يُلْفي مَنْ تَتبَّعها ... ما يُشْبِهُ البحرَ فيضاً مِن نَواحيهِ
فلستَ تأتي إلى باب لِتَعْلمَهُ ... إلاَّ انصرفْتَ بعَجْزٍ عن تَقَصِّيهِ
هذا كذاك وإن كان الذينَ تَرى ... يَروْنَ أنَّ المدى دانٍ لباغيهِ
ثُمَّ الذي هو قصدي: أن يُقال لهمْ ... بما يُجيبُ الفتى خَصْماً يُمَاريهِ
يقولُ: من أينَ أنْ لا نَظْمَ يُشبهه؟ ... وليس من منطقٍ في ذاك يَحْكيه
وقد عَلِمْنَا بأنَّ النظم ليس سِوى ... حُكْم من النحو نَمضي في توخِّيهِ
لو نقَّبَ الأرضَ باغٍ غيرَ ذاك لهُ ... معنىً وصَعَّدَ يَعْلو في تَرقِّيهِ
ما عادَ إلا بخُسْرٍ في تَطلُّبِهِ ... ولا رأى غيرَ غيِّ في تَبغِّيهِ
ونحن ما إن بَثَثَنا الفكْرَ نَنظرُ في ... أَحكامه ونُروّي في معانيهِ
كانت حقائقَ يُلفى العلمُ مشترَكاً ... بها، وكلاَّ تَراهُ نافذاً فيهِ
فليس معرفةٌ مِنْ دون معرفةٍ ... في كل ما أنتَ من باب تُسمّيهِ
تَرى تَصرّفَهم في الكل مطَّرِداً ... يُجْرونه باقتدارِ في مَجاريهِ
فما الذي زاد في هذا الذي عَرَفوا ... حتى غدا العجزُ يَهْمي سيلُ واديهِ
قُولُوا وإلاَّ فأَصْغُوا لِلبَيان تَرَوْا ... كالصبح مُنْبلجاً في عينِ رائيهِ