17 - التذكرة، وهو كتاب منوع الموضوعات، لكنها تتصل بمعظمها بما طرح في كتاب "دلائل الإعجاز" مما لم يستوف القول فيها هناك. ومما يوحي لنا بذلك، أن عبد القاهر الجرجاني لم يَخْتم كتابه "الدلائل" بما بدأ به من حمد الله وامتنانه، وهكذا معظم كتبه.
د - في الشعر
ترك عبد القاهر في هذا الجانب مصنفاً واحداً هو:
18 - المختار من دواوين المتنبي والبحتري وأبي تمام: اعتنى بنسخه وتصحيحه ومعارضته بالأصول وشرَحَه: عبد العزيز الميمني، عليكرة - الهند، وصدر ضمن كتاب بعنوان: "الطرائف الأدبية" الذي وضعه الميمني على قسمين، الأول: لدواوين كل من الأَفوه الأودي والشنفرى، وتسع قصائد نادرة، والثاني: للمختارات.
صدر الكتاب عن دار الكتب العلمية في بيروت مصوَّراً عن طبعة صدرت في القاهرة سنة 1937؛ وقد وقع الميمني على نسخة من المخطوطة في إحدى قرى الهند في مملكة حيدر آباد .. أخذ الميمني على الجرجاني إغفال قصيدةٍ حكمية للمتنبي - لم يثبتها في المختارات مع أنَّ هذه الأخيرة، قد عدَّها الجرجاني من بين عيون الشعر الحكمي للشعراء الثلاثة - وهذه القصيدة نونيَّة، مطلعها:
صَحِبَ الناسُ قبلنا ذا الزمانا ... وعَناهُم من شأنه ما عنانا
ومما جاء في مقدمة "المختارات".
"هذا اختيارٌ من دواوين المتنبي والبحتري وأبي تمام عمدنا فيه لأشرف أجناس الشعر، وأحقها بأن يُحفظ ويُروى ويوكّل به الهِمَمُ، ويُفَرَّغ له البالُ، وتُصرف إليه العناية، ويقدَّم في الدراية، وتُعْمَر به الصدور، ويستودعَ القلوب، ويعدَّ للمذاكرة، ويُحصَّل للمحاضرة.
وذلك ما كان مثلاً سائراً، ومعنًى نادراً، وحكمةً وأدباً، وقولاً فضْلاً، ومنطقاً جزلاً .. "
ويقع كتاب "المختارات" من كتاب "الطرائف" في مائة وخمس صفحات، نصيبُ المختار من شعر البحتري، وحده: في حدود النصف، يليه المتنبي فأبو تمام، مع العلم بأن الجرجاني من المعجبين جداً بشعر المتنبي على سائر الشعراء. وتقديري هو أنَّ نسبة الشعر الكبرى - للبحتري - هاهنا، لا تعود إلى عامل آخر، غير كبر حجم ديوان البحتري الذي يقارب الضعفين لديوان المتنبي.