هذا الذي يؤكد على نفسه بضرب هذا المثل ثم لا يفعل ما يقول.
وكثيراً ما يقبض بعضهم على لحيته إذا أراد التأكيد على نفسه في نفي شيء أو إثباته ثم يقول لمن يخاطبه احلق هذه أو انتف هذه إن كان كذا وكذا أو إن لم يكن كذا وكذا وإنما يقولون هذا مبالغة في تعظيم حلق اللحية ونتفها.
ولو قيل لأحدهم يا محلوق اللحية أو يا منتوف اللحية لغضب وبادر إلى عقوبة قائل ذلك لأنه من أبلغ السباب عندهم وإن كف عنه وسكت سكت على غيظ وحنق.
ومما يذكر عن العرب أنهم يقولون للرجل المعيب المتهم قد برقع لحيته أي غطاها، قال ابن منظور في لسان العرب يقال للرجل المأبون قد برقع لحيته ومعناه: تزيا بزي من لبس البرقع ومنه قول الشاعر:
ألم تر قيساً قيس عيلان برقعت ... لحاها وباعت نبلها بالمغازل
والمأبون هو من رمى بخلة من خلال السوء قاله ابن الأثير وغيره من أهل اللغة.
وإذا كانت العرب تعيب وتذم ببرقعة اللحية فكيف بحلقها ونتفها فهاتان الخلتان أولى أن يذم بهما لأنهما أقرب إلى مشابهة النساء والتزيي بزيهن.
وقد كان الملوك فيما مضى يحلقون لحية الرجل إذا اشتد غضبهم عليه