ثم ذكر خبرا آخر يدل على أن الرخصة كانت غير مرة، وهو حديث المغيرة بن شعبة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل طعاماً وأقيمت الصلاة فقام، وقد كان توضأ قبل ذلك، فأتيته بماء ليتوضأ، فانتهرني وقال لي: وراءك، فساءني ذلك ثم صلى، فشكوت ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله إن المغيرة بن شعبة قد شق عليه انتهارك إياه خشي أن يكون في نفسك عليه شيء، فقال: ليس في نفسي عليه شيء إلا خير، ولكنه أتاني بماء لأتوضأ، وإنما أكلت طعاماً ولو فعلت ذلك لفعل الناس ذلك من بعدي) .

ومن ثم حكى ما ذهب إليه الدارمي، وهو ترجيح ما ذهب إليه الخلفاء الراشدون والأعلام من أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فأخذ بإجماعهم في الرخصة فيه.

قال أبو بكر:" وقد ذهب بعض من رام الجمع بين هذه الأحاديث إلى أن الأمر بالوضوء منه محمول على الغسل للتنظيف كما أشار إليه الشافعي، ورجح أخبار ترك الوضوء مما مست النار بما روي من اجتماع الخلفاء الراشدين وأعلام الصحابة على ترك الوضوء منه، كما قاله الدارمي، غير أن أكثر الناس يطلقون القول بأن الوضوء مما مست النار منسوخ، ثم اجتماع الخلفاء الراشدين وإجماع الأمصار بعدهم يدل على صحة النسخ. والله أعلم (?) .

فحاصل ما أجاب به العلماء عن أحاديث الوضوء جوابان:

1- أنه منسوخ بحديث جابر –رضي الله عنه- قال كان آخر الأمرين من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار. وهو حديث صحيح.

2- أن المراد بالوضوء غسل الفم والكفين. (?)

زاد ابن حجر ثالثاً حديث وضوء النبي –صلى الله عليه وسلم- بعد الأكل بأنه يحتمل أن يكون وضوؤه لصلاة الظهر كان عن حدث لا بسبب الأكل من الشاة. (?)

قلت:

وهذا مردود بأنه ورد الأمر بالوضوء قولاً، ولو اقتصر الأمر على الفعل لتطرق الاحتمال، أما مع وجود القول وهو حديث أبي هريرة فكيف يتطرق الاحتمال!!.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015