"باب ذكر خبر روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند الغائط بلفظ عام مراده خاص".
ثم أورد أحاديث الإباحة وترجم لها بقوله:
"باب ذكر خبر روي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- في الرخصة في البول مستقبل القبلة بعد نهي النبي –صلى الله عليه ويلم- عنه مجملاً غير مفسر، قد يحسب من لم يتبحر العلم أن البول مستقبل القبلة جائز لكل بائل وفي أي موضع كان، ويتوهم من لا يفهم العلم ولا يميز بين المفسر والمجمل أن فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- في هذا ناسخ لنهيه عن البول مستقبل القبلة".
ثم ذكر من الأحاديث ما يجمع به بين الأحاديث المتقدمة، فقال:
" باب ذكر الخبر المفسر للخبرين اللذين ذكرتهما في البابين المتقدمين والدليل على ذلك أن النبي –صلى الله عليه وسلم- إنما نهى عن استقبال القبلة واستدبارها عند الغائط والبول في الصحارى والمواضع التي لا سترة فيها، وأن الرخصة في ذلك في الكنف والمواضع التي فيها بين المتغوط والبائل وبين القبلة حائط أو سترة".
وأورد أثراً يفسر ذلك من قول ابن عمر-رضي الله عنه-:
قال مروان الأصفر: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، قلت: أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن ذلك؟ قال: بلى، إنما نهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس (?) .
قال النووي: " ولا خلاف بين العلماء أنه إذا أمكن الجمع بين الأحاديث لا يصار إلى ترك بعضها بل يجب الجمع بينها والعمل بجميعها، وقد أمكن الجمع على ما ذكرناه فوجب المصير إليه، وفرقوا بين الصحراء والبنيان من حيث المعنى بأنه يلحقه المشقة في البنيان في تكليفه ترك القبلة بخلاف الصحراء". (?)
وقد ردّ ابن حزم على من قال بالجمع وفرق بين الصحراء والبنيان فقال: