3- اعتذارهم عن حديث (القلتين) بأنه لم يتبين المقدار غير مقبول، إذ كيف يحدد النبي –صلى الله عليه وسلم- لأصحابه شيئا بمقدار مجهول، ولو كان فعل ذلك، فهل سيسكت الصحابة على جهالتهم بهذا الأمر وهو متعلق بحياتهم اليومية، وبطهارتهم لصلواتهم، ولم يكن مصدر الماء عندهم غير الآبار والغدران سيما من كان في المدينة.

ولأن نعمل بتحديد (?) النبي –صلى الله عليه وسلم- وندين لله به خير من أن نعمل برأي الرجال وندين لله به.

3-وذهب جماعة إلى الجمع بين الأحاديث، ولكن اختلفوا في طريقة الجمع:

فالشافعي: أعمل جميع الأحاديث وأخذ بها، فحديث (بئر بضاعة) بين (أن الماء طهور لا ينجسه شيء) وكان أكثر من قلتين فهو لا ينجس، وحديث (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم..) ليس فيه دليل على نجاسة الماء إذا بيل فيه، بل نهى عن البول فيه كما نهى عن التغوط في الأماكن على ظهر الطريق والظل والمواضع التي يأوي لها الناس، لأن الناس يستقذرون الشرب والوضوء من الماء الذي قد بيل فيه، فالنهي للتنزيه وليس للتحريم، وإلى هذا ذهب مالك أيضاً.

وبهذا دُرئ التعارض ورُدَّ على القائلين بالترجيح، كما رُدَّ عليهم بأن الماء إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه فإنه ينجس، وإن كان روي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- من وجه لا يثبتُ أهلُ الحديث مثلَه؛ فقد أجمع عليه العلماء (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015