وقد يسألني سائل فيقول: ومن أين يتعيش هؤلاء المنقطعون لدراسة الحديث؟!
والجواب: أنهم يتعيشون مما كان يتعيش منه السلف الصالح من علماء هذه الأمة وكانت الكثرة الكاثرة منهم ترى حرمة أخذ الأجرة على التحديث بل وعلى العلم، وكثير من الأئمة في التفسير والحديث والفقه والأصول وغيرها كانوا يرضون بالقليل وبحسبهم الأجر من الله، والخلود مع الخالدين في جنات النعيم، على أن في أموال الكثيرين من المسلمين، وفي خزائن الدول الإسلامية من أموال الزكوات وغيرها ما يقوم بهذا الواجب، ومن الأموال التي فاضت عليها من بركات الأرض والسماء ما يجعل هؤلاء العلماء في رغد من العيش وبحبوحة في الحياة.
بل وفي الأموال المخصصة للجامعات الإسلامية - وما أكثرها - ما يقوم بحاجات هذه الجماعات من العلماء.
وإن خدمة كتاب الله، وخدمة سُنَّةِ رسوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أوجب الواجبات على الدول الإسلامية وعلى الجامعات الإسلامية.
[4] أن تقوم كل جامعة من الجامعات الإسلامية بتفريغ جماعة من العلماء الكبار المخلصين لخدمة كتاب الله وخدمة سُنَّةِ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أن توفر لهم كل وسائل الراحة المالية والنفسية والمعيشية، وذلك على غرار ما تصنع الدول الغير إسلامية في رعاية أعضاء المجالس العلمية، وتهيئة كل الوسائل لعلمائهم الكبار المتفرغين للدراسة والبحث فمن ثم عظم إنتاجهم، وكثرت مباحثهم المفيدة، وأثروا العلم إثراء نافعًا عظيمًا.
...
[5] إن الجامعات الإسلامية - وما أكثرها - بوضعها الحالي لن تخرج عالمًا يرجع إليه في العلم في أي فرع من فروعه، والقضاء والفتوى والخطابة والوعظ، وذلك لأن الدراسة فيها لم تقم على دراسة العلم للعلم كما هو الشأن في العصور الإسلامية الذهبية الأولى وإنما أضحت الدراسة في الجامعات تقوم على خطف العلم خطفًا،