فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (?).
فكانت الآية الكريمة إعدادًا لهؤلاء المعذبين في الله بأنه لا حرج عليهم إن جاروا الكفار بطرف اللسان، ما دام القلب عامرا بالإيمان، ورخصة يترخص بها من خاف على نفسه الهلاك.
وغير هؤلاء من المعذبين في الله كثيرون!!!
ولم تكن هذه البطولات في تحمل العذاب في سبيل العقيدة خَاصًّا بالرجال فقد أوذي في الله كثيرات من المعذبات في الله وأظهرن صَبْرًا وتجلدًا وبطولة، وتحملاً وذلك مثل زنيرة جارية عمر بن الخطاب كان يضربها حتى تكل يده وتتعب من الضرب ويشاركه في الضرب أبو جهل فما يزيدها ذلك إلا تمسكًا وثباتًا على دينها.
ومثل أم عُنَيْسٍ (?) أمة لبني زهرة، وحمامة أم بلال بن رباح، وجارية بني المؤمل من بني عدي بن كعب، والنهدية وابنتها وكانتا لامرأة من بني عبد الدار وكان أبو جهل يقول: «أَلاَ تَعْجَبُونَ إِلَى هَؤُلاَءِ وَأَتْبَاعِهِمْ، لَوْ كَانَ مَا أَتَى مُحَمَّدٌ خَيْرًا وَحَقًّا مَا سَبِقُونَا إِلَيْهِ!! أَفَتَسْبِقُنَا زِنِّيرَةُ (?) إِلَى رَشَدٍ».
نعم يا أبا جهل - ولا كرامة لك - لقد سبقتك زنيرة إلى الرشد، وبقي لها الذكر والترضي عليها ما بقي مسلم على وجه الأرض، وبقي لك اللعن على كل لسان إلى ما شاء الله، لقد ذهبت يا أبا جهل - الأحساب والأنساب، وبقيت التقوى، وصدق الله {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (?).