ومما يتصل بأحداث الدعوة، ووقائعها النفقات المبذولة في إنشاء المؤسسات الدينية كالمسجد، والمدرسة، والمستشفى، والأموال التي تصرف زكاة، أو صدقة، في أحد المصارف الشرعية المعروفة.
إن أي نشاط ديني للفرق، والمذاهب، والجماعات المتنوعة، هو جزء من اهتمام تاريخ الدعوة، مهما كان أثرها وجدواها في تنمية المجتمع وتقدمه، أو تخلفه وتقهقره.
ولعل التعريف بالرسل والدعاة على مدار التاريخ محل اهتمام رئيسي لعلم تاريخ الدعوة، فهم حَمَلَة الدعوة، ومبرزوها، ومبلغوها، والمدافعون عنها، وهديهم في التبليغ أساس لمن بعدهم.
إن علم تاريخ الدعوة يبحث موضوعه في إطار منهج علم التاريخ العام, وبذلك يقدم فوائد جليلة للدعوة إلى الله تعالى في العصر الحديث؛ لأنه يقدم أحداث الماضي رصيدا للحاضر، وتوجيها للمستقبل، ويكفي الدعاة أن يعرفوا الحاضر صورة مكشوفة، ويحيطوا بالإنسان المدعو ظاهرا وباطنا؛ لأنهم بدراسة التاريخ يفهمون نفوس الناس، وأخلاقهم، وخواطرهم، واتجاهاتهم، ومواقفهم التي سيتخذونها إزاء الدعوة التي ستوجه إليهم.
والدعاة حين يعلمون ذلك عن الناس يمكنهم اختيار ما يطلبونه من الناس، وطريقة الطلب، ووسيلة الخطاب، ومنهج الدعوة والبلاغ.
يقول سيد قطب: "إن تاريخ الدعوة يصور طبيعة الكفر، وطبيعة الإيمان في نفوس البشر، ويعرض نموذجا مكررا للقلوب المستعدة للإيمان، ونموذجا مكررا للقلوب المستعدة للكفر أيضا"1.