ويقول: "واجه الموكب الكريم من الرسل البشرية بدعوة واحدة، وعقيدة واحدة، وكذلك واجهت الجاهلية دعوة الرسل مواجهة واحدة، وكما أن دعوة الرسل لم تتبدل، فكذلك مواجهة الجاهلية لم تتبدل، إنها حقيقة تستوقف النظر ويجب الاستفادة بها"1.
ومن عناية الله تعالى بالدعوة إلى دينه، أن أنزل قصص الرسل والأنبياء وحيا على رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- متميزة بخصائص القرآن الكريم الثابتة، وهي الصدق، والدقة، وقصد الهداية والخير، في استقامة خالية من العوج، والاضطراب.
وبعد تمام الإسلام، وانقطاع الوحي، وانتقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى أخذ العلماء، والدعاة المسلمون، يواصلون رصد حركة انتشار الإسلام، ويسجلون عملية تبليغ الدعوة إلى الناس، في أرجاء العالم المختلفة، على قدر طاقتهم البشرية.
وعلى هذا يمكننا -ونحن مطمئنون- أن نقسم دراسة تاريخ الدعوة إلى ثلاثة أقسام رئيسية، لكل منها خصائصه ومزاياه، وهي:
القسم الأول: ويتضمن تاريخ الدعوة مع رسل الله قبل محمد -عليهم جميعا صلوات الله وسلامه- ومصدر هذا القسم هو القرآن الكريم بصورة رئيسية, فللقرآن الهيمنة على غيره، وكل ما عداه من مصادر أهل الكتاب، أو من الاكتشافات الأثرية، أو من الكتابات القديمة يجب أن تكون متفقة معه، غير متعارضة مع أصوله، وأساسياته، ويتميز هذا القسم بعدد من المزايا:
أ- أخباره كلها صادقة، تلازم الحق والصواب, قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ} 2.