تاريخ الدعوة واقع ومنهج:

علم التاريخ من العلوم الهامة ذات الفائدة القصوى للإنسان؛ لأنه يتخذ الماضي موضوعا لدراسته، ويعيش مع الوقائع والأحداث وفق منهج وصفي، يعتمد الحياد والموضوعية، ويجمع الأحداث والوقائع من مصادرها الصحيحة، ويحللها بأمانة، وينسقها على أسس عقلية متكاملة؛ لتنطق بكافة جوانب الحدث، وتصوره أمام الناس، وبذلك يعرف التاريخ بواقعه، ويظهر الماضي بأشخاصه، وأعماله، وحيويته، ويتمكن الباحث من استخلاص الدروس والعبر، ويتحقق له الهدف المنشود.

ويحتاج علم التاريخ بصورة عامة إلى عقلية عالمة، تبحث عن الحقائق، وتلتزم بالحق، بعيدا عن التحيز والتأثير، وتنأى بذاتها عن توجيه الأحداث لخدمة أهدافها الذاتية، وخصائصها الثقافية، أو الدينية، أو الجنسية ... وهكذا.

وعلم التاريخ وفق هذا المنهج يساعد في إعطاء صورة صحيحة لتاريخ البشر، ويساهم في وضع منهج للحاضر، والتخطيط للمستقبل، ويؤدي إلى حياة طيبة للعمران البشري.

وعلم "تاريخ الدعوة" فرع من علم التاريخ العام، يهتم برصد جانب معين من الأحداث والوقائع الماضية، وهو الجانب المتصل بالدين، وحركته، وحيويته في حياة الناس؛ ولذلك نراه يعايش دعوات الله تعالى على طول الزمن، فيحدد موضوعاتها التي بلغتها للناس، ويعرف وسائلها في البلاغ والدعوة، ويوضح ما دار حولها من نقاش ونزاع، ويبين موقف المدعوين منها سواء آمنوا بها، أو لم يؤمنوا.

وعلم تاريخ الدعوة يعايش مدعويه جميعا، عامتهم، وخاصتهم, فهم جمهور الدعوة, وهم الأمة التي جاءت الدعوة لهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015