- وأيضا كيف نشأ الغلام؟ وكيف تربى؟ وما أهم أعماله؟ وما صلته بأخواله وأعمامه؟ ومتى مات؟
لم يرد لذلك ذكر مع أنها من الأمور التي لا تغيب، بل هي من القضايا التي تشتهر بين الناس.
- ومع هذا, فإن كانت الجريمة من فعل جعفر، فلم معاقبة البرامكة جميعا، وقد كانوا أحظى الناس عند الرشيد، وبينه وبينهم علاقات عديدة، ومجالسات كثيرة طيبة, وخدماتهم للدولة لا تنكر؟
كل هذا يؤكد أن القصة غير صادقة, ووضعها تم لتشويه أصحابها لما لهم في تاريخ الإسلام والمسلمين من منزلة.
فـ "العباسة" صاحبة فضل ودين، جدها الأعلى ترجمان القرآن "عبد الله بن عباس"، وهي بنت خليفة، وأخت خليفة قريبة عهد ببداوة العرب، وفطرة الدين، ولم تعرف البيئة يومذاك عوائد الترف، ومراتع الفواحش, ومتع الهوى.
فأين يطلب الصون والعفاف إن ذهبا عنها؟
وأين توجد الطهارة والدين إن فقدا من بيتها؟
و"هارون الرشيد" الخليفة، قام في الناس بالعدل، وكان يجالس العلماء والفقهاء، ويؤم المصلين في المسجد الجامع، ويصلي كل يوم مائة ركعة نافلة ما لم يصب بعلة، وكان دائم الذكر، وقراءة القرآن، كان يغزو عاما ويحج عاما، فإذا حج أحج معه مائة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا غزا أحج ثلاثمائة من ماله بالنفقة السابغة والكسوة التامة، وكان شديد الخوف من الله، يراقبه في كل أعماله وبخاصة في أموال المسلمين، طلب مرة أكل لحم جزور، ثم نسيه ... وذات يوم تناوله، فقال له جعفر: إن هذا اللحم تكلف أربعة آلاف درهم؛ لأنه كان يجهز يوميا ولا تأكله حتى بلغ جملة ما صرف هذا القدر ... فلما سمع ذلك بكى، وتألم كثيرا، وأمر برفع الطعام من