ومن أمثلة ذلك تصويرهم الحجاج بن يوسف الثقفي سفاحا يحب الدم، وينشر الإرهاب، مع أنه كان يعمل في إطار ما في عنقه من بيعة، لقد اجتهد في هذا الإطار وربما أخطأ, ودراسة كافة الأحداث وملابسات الوقائع ربما تنصفه.

ومن أمثلة هذا التشويه ما رواه المؤرخون عن نكبة البرامكة التي أوقعها الخليفة العباسي هارون الرشيد بهم عام 187هـ، ويذكرون لها أسبابا لا يخجلون من سذاجتها وتفاهتها، ومع ذلك نراها تنتشر على ألسنة أكثر المؤرخين.

يقولون: إن هارون الرشيد أدمن شرب الخمر مع أخته العباسة، ووزيره الأول جعفر بن يحيى البرمكي، وحتى يجعل اللقاء بين أخته وبين جعفر شرعيا عقد بينهما عقدا صوريا، واشترط على جعفر أن لا يطأها، لكن جعفر نقض شرط هارون، فدخل بالعباسة، وولدت له ولدا، سماه محمدا، أسكنه مكة، ورباه بها، فلما علم الرشيد بذلك غضب غضبا شديدا، ونكب البرامكة نظير ما فعله جعفر1.

وهذه القصة تحمل في طياتها ما يكذبها:

- فكيف يبحث هارون عن مشروعية الجلوس، مع إجازته شرب الخمر, وكلاهما حرام؟

- وكيف يعقل أن يتصور هارون الرشيد عقدا للزواج يفيد الجلوس دون سواه؟ ولم العقد؟!

- وهل يصعب على الخليفة أن يضع أخته تحت رقابة من الجند والخدم, يحفظ له منها ما يريد؟

- وكيف يغيب عن الرشيد أمر المولود، ورحيله، وتربيته في مكة، وهي جزء من الدولة؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015