الباب الثاني والعشرون: وقفة مع أفكار المتصوفة

...

وقفة مع أفكار المتصوفة1

لقد قامت الدعوة إلى الله عز وجل نقية صافية، متمحصة عن سلامة العقيدة، وصفاء الطوية، والاقتداء بالسلف الصالح من القرون الثلاثة المفضلة من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، ومن تبعهم بإحسان. إلا أن المتصوفة الجهال الذين قامت بدعهم على التذوق، لا على النصوص الصحيحة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، نراهم قد تعلقوا بأوهام ما أنزل الله بها من سلطان، وقد أبدى المسلمون الصالحون استياءهم، وتمرغت وجوهم من هؤلاء الجهلة، ومكابرتهم، وسوء معتقدهم، وخروجهم عن ربقة الإسلام بما ينشرون من شركيات وضلالات ومنكرات، فلما لاحظوا استغراب الناس لها منذ زمن بعيد، ودهشتهم منها، قالوا: "بأن علومهم علوم ذوقية، لا يكاد النظر يصل إليها إلا بذوق ووجدان، كالعلم بكيفية حلاوة السكر، لا يحصل بالوصف، فمن ذاقه عرفه2، ولذلك استعملوا طريقة الكشف، والأحلام والخواطر في تفسير القرآن الكريم، محتجين بحديث يسندونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء فيه: "أن القرآن ما من آية إلا ولها ظاهر وباطن، وحد ومطلع، ولكل مرتبة من هذه المراتب رجال، ولكل طائفة من هذه الطوائف قطب، وعلى ذلك القطب يدور فلك ذلك الكشف3، ولا نستغرب إذا علمنا أن المصادر التي يستقي منها المتصوفة الجهال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015