عنه، وذلك كذب ظاهر، فإن قبر زيد رضي الله عنه ومن معه من الشهداء لا يعرف أين موضعه بل المعروف أن الشهداء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلوا في أيام مسيلمة في هذا الوادي، ولا يعرف أين موضع قبورهم من قبور غيرهم، ولا يعرف قبر زيد من قبر غيره، وإنما كذب ذلك بعض الشياطين وقال للناس: هذا قبر زيد، فافتتنوا به، وصاروا يأتون إليه من جميع البلاد بالزيارة، ويجتمع عنده جمع كثير ويسألونه قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، فلأجل ذلك هدم الشيخ ذلك البناء الذي على قبره، وذلك المسجد المبني على المقبرة اتباعا لما أمر الله به ورسوله من تسوية القبور، والنهي الغليظ الشديد في بناء المساجد عليها، كما يعرف ذلك من له أدنى ملكة من المعرفة والعلم.

وقوله1 "وبعثرها لأجل أنهم في حجارة ولا يقدرون أن يحفروا لهم فطووا على أضرحتهم قدر ذراع، ليمنعوا الرائحة والسباع. فكل هذا كذب وزور وتشنيع على الشيخ عند الناس بالباطل والفجور، وكلامه هذا تكذبه المشاهدة، فإن الموضع الذي فيه تلك القبور موضع سهل لين الحفر، وأهل العيينة والجبيلة وغيرهما من بلدان العارض يدفنون موتاهم في تلك المقبرة، وهي أرض سهلة لا حجارة فيها) 2.

وذكر ابن غنام ما فعله الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله مع عثمان بن معمر أمير العيينة- في بادئ دعوته- من هدم القباب وأبنية القبور، يقول:

(فخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومعه عثمان بن معمر وكثير من جماعتهم، إلى الأماكن التي فيها الأشجار التي يعظمها عامة الناس والقباب وأبنية القبور، فقطعوا الأشجار، وهدموا المشاهد والقبور، وعدلوها على السنة، وكان الشيخ هو الذي هدم قبة قبر زيد بن الخطاب بيده، وكذلك قطع شجرة الذيب مع بعض أصحابه، وقطع شجرة قريوة: ثنيان بن سعود ومشاري بن سعود، وأحمد بن سويلم، وجماعة سواهم) 3.

ويؤكد ابن غنام أن ما فعله الشيخ الإمام هو عين الحق والصواب الذي عليه أهل العلم من كل المذاهب ... يقول رحمه الله:

(ولقد كان العلماء رضي الله عنهم من قديم الزمان ينكرون هذا الذي حدث في هذه الأمة، من تعظيم القبور، وبنائها، وبناء المشاهد عليها، ودعائها، وسؤال أهلها قضاء الحاجات، وتفريج الكربات. وقد بينوا للناس أن هذا خلاف دين الإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015