وقالوا: منهم أبدال ونقباء وأوتاد ونجباء وسبعون وسبعة وأربعون وأربعة، والقطب هو الغوث للناس، وعليه المدار بلا التباس، وجوزوا لهم الذبائح والنذور، وأثبتوا فيهما الأجور. قال (الحلبي) وهذا كلام فيه تفريط وإفراط، بل فيه الهلاك الأبدي والعذاب السرمدي، لما فيه من روائح الشرك المحقق ومضادة الكتاب العزيز المصدق، ومخالف لعقائد الأئمة، وما اجتمعت عليه الأمة.
إلى أن قال: فأما قولهم إن للأولياء تصرفا في حياتهم وبعد الممات، فيرده قول الله تعالى: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} 1 {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} 2 {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} 3 فهو سبحانه المنفرد بالخلق والتدبير والتصرف والتقدير ولا شيء لغيره في شيء ما بوجه من الوجوه. والكل تحت ملكه وقهره تصرفا وملكا وإحياء، وإماتة، وخلقا.
إلى أن قال: وأما القول بالتصرف بعد الممات، فهو أشنع وأبدع من القول بالتصرف في الحياة، قال جل ذكره: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} 4 وفي الحديث: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث "56 الحديث، فهذا يدل على انقطاع الحس والحركة من الميت، وأن أعمالهم منقطعة عن زيادة أو نقصان، فليس للميت تصرف في ذاته فضلا عن غيره بحركة، وأما اعتقادهم أن هذه التصرفات لهم من الكرامات فهو من المغالطة؛ لأن الكرامة شيء من عند الله يكرم بها أولياء لا قصد لهم فيه ولا قدرة ... إلخ) 7.
ويدحض الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن غلو داود بن جرجيس في الأولياء حيث زعم داود (أن أرواح الصالحين تدعى وتدبر، واستدل بقوله تعالى {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّه} 8 وأن المفسرين - ومنهم البغوي، قالوا: رأى يعقوب عاضا على أنملته يقول إياك وإياها، فلم يفعل، فكان يوسف في مصر، ويعقوب في الشام، فهذا نوع من الكرامة وهي سبب، والقدرة لله) 9 ا. هـ كلام داود. فقال الشيخ عبد اللطيف في "دلائل الرسوخ" ردا عليه: (يريد العراقي أن مثل هذا يدل على جواز دعاء الصالحين، وندائهم بالحوائج