من عباده هو الذي يستحق أن يعبد وحده لا شريك له، فإن الكرامة إنما تقع لبعض الموحدين المخلصين بسبب توحيدهم وإخلاصهم لله تعالى) 1.
ويقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن في "البراهين الإسلامية": (والمعروف في حد الكرامة أنها خرق الله العادة لوليه من غير تحد..) 2.
ثم يوضح ذلك فيقول: (ولا يخفى أن الملحدين وعباد القبور القائلين بالتصرف يموهون على الناس بأن تصرف الأولياء كرامة، وأن من نفاه فقد نفا الكرامة ... وأهل الحق لا ينكرون الكرامة التي جاء بها القرآن الكريم، كما في قوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} 3 وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} 4 الآية.
فيثبتون خرق العادة للأولياء في بعض الأحيان، لكن ليس في هذا دليل على أنهم يتصرفون، ولا تلازم بين التصرف والكرامة؛ لأن الكرامة خرق الله العادة لوليه، من غير فعل من ذاك الولي ... ) 5.
ويورد علامة العراق محمود شكري الآلوسي تعريف الكرامة، فيقول رحمه الله:
(كل من يذكر تعريف الكرامة وحدها يقول: هي خرق الله العادة لوليه لحكمة ومصلحة تعود عليه أو على غيره، وعلى هذا التعريف لا فعل للولي فيها، ولا إرادة، فلا تكون سببا يقتضي دعاء من قامت به أو فعلت له، ومن أي وجه دلت الكرامة على هذا؟) 6.
ويؤكد الشيخ عبد الظاهر أبو السمح أن الكرامة من فعل الله، فيقول: (الكرامات لا يملكها أحد لنفسه بل الله يكرم من يشاء من عباده بالإيمان والتقوى {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} 7) 8.
فالكرامة - إذن - هي فعل الله، وهي خرق الله العادة لوليه، فلا فعل للولي فيها،