ولا أقل. فهم يعتقدون كرامة كل من أظهر شيئا خارقا في نظرهم، وإن كان من السحرة والمشعوذين، ويعدونه وليا، وإن لم يصل، وإن لم يصم) 1.

وكما أن هناك فرقا بين الولي الحق، وبين مدعي الولاية كما أشرنا إلى ذلك، فهناك أيضا فرق بين حال الأولياء في حياتهم وبين حالهم بعد مماتهم، وليس كما يزعم هؤلاء الخصوم بأن أهل الكرامات حالهم في الممات كحالهم في الحياة.

لذا يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن- رحمه الله- في الرد على داود بن جرجيس حين زعم أن أهل الكرامات حالهم في الممات كحالهم في الحياة، فقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: وهذا يبطله ما ذكره الله تعالى بقوله: {وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} 2 فلم يجعلهم الله سواء بل فرق بين الأحياء والأموات، وشبه بهم من لم ينتفع بسماع الهدى) 3.

وعقب ذلك، نورد ما قرره بعض علماء الدعوة في حد الكرامة وتعريفها وسيتضح خطأ وضلال الخصوم في فهمهم لمعنى الكرامة، وترتب على ضلالهم في معناه الكثير من الآثار السيئة والنتائج الوخيمة كما ستظهر بوضوح حين نتحدث عما أورده بعض علماء الدعوة من الردود فيما وقع فيه الخصوم من الغلو في الأولياء، يقول الشيخ محمد بن ناصر التهامي- رحمه الله-:

(الكرامات فعل الله يكرم بها من يشاء من عباده، كما أنه سخر بعض العباد لبعض، وليس إلى المعتقد شيء من الكرامات بل هي إلى الله..) 4.

ويقول الشيخ صنع الله الحنفي الحلبي5 في كتابه الذي ألفه في الرد على من ادعى أن للأولياء تصرفا في الحياة وبعد الممات على سبيل الكرامة.

(الكرامة شيء من عند الله يكرم بها أولياءه، لا قصد لهم فيه، ولا تحدي، ولا قدرة ولا علم..) 6.

ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن في بيان معنى الكرامة:

(الكرامة أمر يجعله الله للعبد لا صنع للبشر فيه. فالذي أوجد الكرامة لمن شاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015