فمن حيث الإطار نجدهم أغفلوا الجانب النظري من المسألة: فليس هنالك عالم أوروبي واحد حاول أن يستخلص من القرآن مبادئه الأخلاقية العامة، وفضلًا عن ذلك، فلم يكن لدى أيٍّ من بينهم اهتمام بأن يصوغ قواعده العملية، ويقدمها في صورة دستور كامل. وإنما انحصرت كل جهودهم في أن جمعوا عددًا، قليلًا أو كثيرًا، من الآيات القرآنية المتعلقة بالعبادة، أو بالسلوك، وترجموها ترجمة حرفية.
ويبدو لنا، أن الذي استهل هذه المجموعة من النصوص المختارة من القرآن كان المستشرق جارسان دي تاسي Garcin de tassy، فقد قدم لنا مؤلفًا صغيرًا بعنوان: "القرآن: مبادئه وواجباته" "باريس 1840م". وتبعه المستشرق لوفيفر lefevre، الذي نشر عام 1850م قطعًا مختارة من ترجمة سفري savary، بعنوان: "محمد: قوانين أخلاقية، ومدنية، ودينية". ثم جاء من بعدهما بارثلمي سانت هيلير رضي الله عنهarthelemy, s. hilaire في كتابه: "محمد والقرآن" "باريس، نشر ديدييه didier 1865م". هذا من حيث الإطار الذي سيقت في داخله بحوث ذلك العهد.
وأما من حيث عيوب المضمون فمرجعها إما إلى ترجمات غير صحيحة، وإما إلى تلخيص سيئ، وإما إلى الأمرين معًا، وهو ما نجده واضحًا لدى المستشرق جول لا بوم jules la beaume في كتابه: "تحليل آيات القرآن"koran analyse "باريس maisonneuve 1878م". وهو مع ذلك أقل الأعمال التحليلية في هذا المجال بعدًا عن التمام1.