قال حذيفة: (فهل بعد هذا الخير من شر؟)، وهذا هو الذي كان يخافه حذيفة، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه سوف يوجد بعد هذا الخير شر، وهذا باتفاق أهل العلم هو ما وقع من فتنة في أواخر عصر الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وكان بداية ذلك قتل عثمان، وأما قتل عمر رضي الله تعالى عنه فقد فتح باب الفتن فعلاً، ولكنه ما كان بأيدي المؤمنين، وإنما كان بأيدي من لا ينطق بالشهادتين، فكان قتل عثمان بيد بعض المنتسبين إلى الإسلام من دعاة الفتنة، وما جر ذلك بعده من الفتن التي وقعت، والاقتتال الذي حصل بسبب أهل الفتنة بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وأوقعوا فيه رغم أنهم كانوا يحرصون على البعد عنه، لكن قدر الله وما شاء فعل، وهو بالنسبة إلى ما سبقه من الخير يعتبر شراً، والأمر في ذلك بلا شك أمر نسبي، أي: بالنسبة إلى ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما كان عليه الصحابة من ائتلاف الكلمة، والحب العميق، والارتباط الوثيق، وعدم الاختلاف على الإطلاق، وبينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل لهم مشاكلهم، ويفصل بينهم في نزاعاتهم، فكان بالنسبة إلى ما سبقه شر.