ومعرفة صفات الجاهلية مما يجعل المؤمنين يدركون قدر نعمة الله سبحانه وتعالى عليهم بالإيمان والإسلام، ويتمسكون به، ويزدادون حرصاً عليه، ويعضون عليه بالنواجذ، ويأبون أن يرجعوا إلى أي مظهر من مظاهر الجاهلية، سواء كان ذلك في العقيدة: وهو ظن الجاهلية، أو كان في الحكم: وهو حكم الجاهلية، أو كان في المعاملات المالية: وهو ربا الجاهلية.
أو كان في وضع المرأة: وهو تبرج الجاهلية، أو كان في الولاء والحمية: وهي حمية وعصبية الجاهلية، أو كان في أي مظهر من مظاهر الجاهلية المختلفة التي يعيش فيها أكثر الخلق إلا من رحم الله سبحانه وتعالى، فقد كان الناس في هذه الجاهلية وهذا الشر، وبقدر قرب الإنسان من معاني الجاهلية بقدر ما يكون فيه من الشر، وبقدر بعده عنها يكون اقترابه من الدين الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قال حذيفة: (فأتانا الله بهذا الخير)، يعني: بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما كان فيها من هداية وتوحيد لله عز وجل ومعرفته ومحبته، وعبادته وحده لا شريك له، وترك ظن الجاهلية، وحكم الجاهلية، ودماء الجاهلية، وعصبية الجاهلية، وتبرج الجاهلية، وحمية الجاهلية، وربا الجاهلية، فقد تركوا ذلك كله إلى دين الحق، والحمد لله رب العالمين.