أصل العبادة: كمال الذل وكمال الحب، فهما ركنان لا تقوم العبادة إلا بهما.
فلابد للإنسان الذي يقول: أنا أعبد الله أن يكون عارفاً بالركنين في الجملة إجمالاً، ويحققهما في ذات نفسه، أما من يدعي أنه يحب الله ولا يخضع له، فهذا لم يحقق العبودية لله عز وجل، وهذا موجود في تصورات قطاع كبير من البشر، فإن ملايين من البشر يقولون: نحن نحب ربنا، ولكن لا يلزم أن نسمع كلامه، ومعظم الغرب يقرون بوجود الله، ولكن لا يوجد منهم خضوع له، ولا انقياد لشرعه، وعلى هذا فليس عندهم عبودية لله سبحانه وتعالى، حتى لو أحبوه.
فالركنان اللذان لا تقوم العبادة إلا بهما: كمال الحب، مع كمال الذل.
فخضوع الانقياد هو أن العبد لا يمكن أن يضحي بأمر الله أمام أي مقابل، كما أنه لا يمكن أن يقدم على حبه لله عز وجل أي حب.
والعبادة كذلك لا تصح إلا بالحب والخوف والرجاء، فلابد من العبادة في كل عمل من الأعمال، فلابد للعبد في كل عمل من أعماله أن يكون محباً لربه جل وعلا، قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة:165]، وأن يكون خائفاً من ربه، خوف المقام بين يديه، وخوف وعيده.
قال تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم:14]، وقال سبحانه: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:46]، وفيهما معنيان: الأول: الذي سبق وهو خوف المقام بين يدي الله.
وأما الثاني فالمراد: أنه خاف مقام الرب عليه بالاطلاع، فهي مضافة إلى الفعل، والمعنيان صحيحان.
فمقام الرب عز وجل بالربوبية: الاطلاع في كل وقت، أما مقام العبد بين يدي ربه فسيكون يوم القيامة للسؤال وللحساب.