نسمع أثر هذه العلاقة الخاصة من حديث في الصحيحين، في موت عمر رضي الله تعالى عنه عندما يغبطه علي رضي الله عنه وهو في جنازته، حيث يقول: (إني كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك؛ لأني كثيراً أو أكثر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: جئت أنا وأبو بكر وعمر، وذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر) وذلك لأنهما صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الدوام، وفي كل المواطن كانا معه خروجاً ودخولاً وذهاباً وإياباً، وهذه بلا شك لها الأثر الكبير.
كذلك علي رضي الله تعالى عنه أسلم عندما رأى ابن عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته خديجة يصليان، وتلقى منه الدين في هذا البيت بينه وبينه، وهذه هي التربية.
كذلك الرسول صلى الله عليه وسلم عندما دخل على ميمونة فسألها عن ابن عباس فقال: (أصلى الغلام؟) ثم بعد أن استيقظ ابن عباس رضي الله عنهما صلى معه.
كذلك في تربية عظيمة قال لـ ابن عباس: (يا غلام! إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)، وهذا الحديث وصية عظيمة تتضمن أصول التربية، وكذلك الاعتقادية والعملية والعبادية وغيرها.
وكذلك تأمل في وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لـ معاذ عندما يقول معاذ: (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: يا معاذ! فقلت: لبيك رسول الله وسعديك، فقال: أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً، قال: أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا) وهذا يدل على أنه لم يكن هناك أحد آخر غيرهما، وأنه لم يخبر بهذا أحداً من الصحابة غير معاذ، ومعاذ أخبر به عند موته تأثماً؛ لأنه لم يكن هناك أحد سمعه غيره، فمثل هذه الجلسة يحرص الأعداء ألا توجد في البيت، وأن تكون طرق حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية مبناها على ألا يوجد وقت إطلاقاً لمثل ذلك.