قال ابن كثير رحمه الله: وأشار آخرون من الصحابة ممن لم يشهدوا بدراً بالخروج إليهم، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس لامته، واللامة: آلة الحرب، كالدرع، والرمح، والسيف، والبيضة، والمغفر، وسائر أدوات الحرب، فلبس النبي صلى الله عليه وسلم أداة الحرب، وخرج عليهم وقد ندم بعضهم وقالوا: لعلنا استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله! إن شئت أن نمكث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يرجع حتى يحكم الله له).
وهذا فيه أمر مهم، وهو: عدم التردد؛ لأن كثرة التردد في الأمور يؤدي إلى زعزعة الهمم والعزائم، وعدم استمرارها واستقرارها، وخصوصاً من القادة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قائد أمته عليه الصلاة والسلام، ولو تردد وقبل أن يرجع وأخذ هذا الرأي ثم رجع مرة أخرى لكان ذلك فتاً في عضد أتباعه من المؤمنين، ولكن لا يعني هذا أن الإنسان لا يرجع عن الرأي الذي يراه خطأً أو غير سديد، بل عليه أن يرجع إلى الحق، ولكن في الأمور الاجتهادية الأمر فيها واسع.
لكن التردد فيها قد يكون خطيراً إذا كان يؤدي إلى الفت في عضد الأمة.