وقد علم الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة الرحمة في امرأة كافرة! جعلت تبكي وتبحث عن صبيٍ لها حتى وجدته فألصقته ببطنها وألقمته ثديها، فقال: (أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ فقالوا: لا، قال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الطائر التي فصلت عن ولدها، فقال: (من فجع هذه بولدها؟! ردوا عليها ولدها)، ولذا حرم صلى الله عليه وسلم التفرقة في بيع الإماء وأولادهن حتى لو كانوا كفرة؛ لأن هناك رحمة عامة، فكل هذه المشاهد هي ثمرات الرقة والرفق واللين لزوال القسوة، ولذلك لو أن بعض الناس ينتسبون للدين وكل همهم الطعن في الآخرين، ويصبح هذا هو الالتزام عندهم، لكانوا بعيدين عن الدين، فليست هذه هي الطاعة لربنا، تحت اسم محاربة أهل البدع من غير مراعاة لخطأ، ولا لتأويل، ولا لجهل، ولا لأي عذرٍ، كالخوارج، فإنك تجد عندهم قسوة عجيبة، فالغلاة في التكفير تجد عندهم قسوة ليست بقليلة، وكل نقطة تكفير فأصلها القسوة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم)، يعني بذلك: الخوارج.
فمناهج الانحراف كلها التي ليس فيها رقة على المؤمنين، ولا رفق بهم، ولا التماس الأعذار لهم ما أمكن، تشكل حالة من علامات القسوة.