قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة:13]، فمن ضمن آثار القسوة واليبوسة الطارئةِ على القلوب: تحريف الكلم عن مواضعه، وهل أنه يحرف الدين كما يريد؟ لا، إذاً: فهل المعنى أن يأخذ مصحفاً ويحذف آيةً ويضع غيرها؟ لا، وإنما يقول: هذا من الدين ولا يكون جاهلاً، كالطواف حول القبور، والموالد، بل إن عندهم من الدين أن تسمع كلاماً ولو كان باطلاً مخالفاً لشرع الله، فالدين عندهم أننا نحب اليهود والنصارى، وهم يذبحون إخواننا في كل مكان، فهل هذا هو الدين والعياذ بالله؟! أليس يوم القيامة يعادي الخليل خليله، والصديق صديقه بسبب إجرامهم؟ يقول الله تعالى مصوراً حالهم يومئذ: {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67]، فهذا حالهم والعياذ بالله.
فنقول: ليس الدين أن يستدل مستدل بالآية على أن فلاناً أو علاناً يكون حبيبه يوم القيامة، وآخر يقول: فلان صديقي يوم القيامة وهو من طواغيت الكفار، فهذا كله من تحريف الكلم عن مواضعه.
إن القسوة تحصل للإنسان حين يسمع آيات الله عز وجل ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها.
فنقول: إن سرعة الانفعال والقبول للحق بأن يقبل ويتأثر، تجد إنساناً تنصحه مرةً فيتعظ ويتأثر، وآخر تنصحه عدة مرات فلا يتأثر لقسوة قلبه، فتصبح عنده برودة، وعدم حركة في الأوامر والنواهي، ولا يقبل النصيحة لقسوة وغلظة في قلبه، ومثل هذا من تجده قاسٍ على المؤمنين لا يرحمهم، وهذا نتيجة لقسوة القلب، والعياذ بالله.
ولو أن إنساناً يعذب حيواناً لأصبحت عنده قسوة قلب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض)، فالله عز وجل يكره القلب القاسي، ويعذب أصحاب القلوب القاسية، فكيف بمن لا يعبأ بآلام ملايين المسلمين؟!