دخل الوزير يوماً على ذلك الملك، فقال له الملك: يا وزير! من رد عليك بصرك؟ قال: الله رب العالمين، قال: أنا؟ قال: لا.
بل ربي وربك.
قال: من؟ قال: الله رب العالمين.
قال: ألك ربٌّ غيري؟ قال: نعم! الله رب العالمين.
قال: من أخبرك بهذا؟ قال: لا أخبرك، فضربه ضرباً مبرحاً حتى دل على الغلام، وقتل الوزير فجيء بالغلام الصغير، وقال له: يا غلام! أولك رب غيري؟ قال: نعم، قال: من هو؟ قال: ربي وربك الله رب العالمين.
غلام صغير، في قصر ملك طاغية هل خاف؟ هل ارتجف؟ هل قلب إيمانه؟ مع أنه في شرعنا يجوز هذا، ولكنها الجرأة، والإيمان إذا ملأ القلب قال: نعم، ربي وربك الله، قال: ماذا تقول؟ فعذبه وجلده حتى دل على الراهب، فجيء بالراهب، فقال له الملك: ترجع عن دينك؟ قال: لا.
قال: من ربك؟ قال: الله رب العالمين.
قال: ارجع عن دينك؟ قال: والله لا أرجع.
فلا زال به يعذبه حتى جاء بالمنشار، فإذا به يضع المنشار على رأسه ويقسمه نصفين {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:2] تحسب أنك آمنت ولن تفتن ولن تبتلى، تحسب -أيها الأخ الكريم- أنها صلاة وصيام والحمد لله ثم جنة لا يا عبد الله (حفت الجنة بالمكاره) وهذه من المكاره.