قال سبحانه: {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً} [المؤمنون:114 - 115] أتظن -أخي الكريم- أن الله خلق هذه الدنيا كلها؛ السماوات، والأرض، والبحار، والجبال، وخلقك فيها، وجعل لك العينين، والسمع، واللسان، والشفتين، والعقل، واليدين، عبثاً؟! تقول: حتى تركب سيارةً، أو تلعب الكرة وقت اللعب، أو تأكل، وتشرب، وتشبع، أو تنكح وترضي الفرج؟! أتظن أن الحياة لهذا خُلِقَت؟! {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً} [المؤمنون:115] فيكون شأننا والحيوانات سواء! إذاً بِمَ ميزنا الله عز وجل؟! {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:115].
وهنا يأتي
Q إذا كان الله عز وجل لم يخلقنا عبثاً، وخلقنا للغاية التي تعرفونها كيف نقضي هذه الحياة؟! بل كيف نعيش فيها؟! وتعجب كل العجب من ملتزم مُلْتَحٍ يعرف ربه وأوامر ربه جل وعلا! يقول: كيف أقضي فراغي؟! سبحان الله! وهو يحفظ قوله جل وعلا: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح:7 - 8] ويسمع حديث رسوله عليه الصلاة والسلام: (اغتنم خمساً قبل خمس) (لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة)، وقال في الحديث الآخر: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ).
ثلاث ساعات في العصر، تسأل شاباً ملتزماً:
ماذا فعلت فيها؟
الحمد لله! استغليت الوقت.
فيم؟
قرأت القرآن.
كم قرأت القرآن؟
نصف ساعة.
مغبون وأنت لا تدري، تقول: قرأت القرآن في وقت العصر نصف ساعة، وأضعت ثلاث ساعات، كمن يشتري سلعة بألف دينار ويبيعها بخمسمائة ريال، حصل على خمسمائة؛ لكنه مغبون خاسر، خسر خمسمائة دينار، وهكذا خسر هذا الرجل، (مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ).