أهمية استشعار نعمتي: الصحة والفراغ

أنت الآن لا تشعر بالصحة زر أحد مستشفيات يخبر أحد المشايخ عن شاب اسمعوا إلى نعمة الصحة التي لا نشعر بها الآن، يقول هذا الشاب عن نفسه: دخلت على أمي يوماً فقالت لي: يا بني! اذهب بي إلى جارتنا إلى فلانة بالسيارة، قال: لا أستطيع، قالت: يا بني! إن لها علي حقاً، قال: لن أذهب بك -أين طاعة الوالدين؟ - فألحت عليه، فقال لها: بشرط -يشترط على أمه، تباً له- أن آتيك بعد ثلاثين دقيقة بالضبط، وأضرب الهون مرة واحدة، فإن لم تخرجي تركتكِ، قالت: حسناً!

انظر إلى الشرط العسير على أمه التي صبرت عليه تسعة أشهر، وأرضعته عامين وتعبت حتى كبر، والآن يشترط عليها ثلاثين دقيقة، يقول: فأتيتها بعد ثلاثين دقيقة، فضرب الهون مرة واحدة، ولم تخرج، فذهب وتركها، وأسرع في الطريق، فلم يمضِ قليلاً إلا وانقلبت به السيارة، الشيخ الذي زاره يقول: رأيته على هذه الحال سنوات، يقول: لا يستطيع أن يحرك في جسمه إلا رأسه فقط، لا يد ولا رجل، سنوات على هذه الحال أصيب بالشلل، عافانا الله وإياكم.

ماذا يتمنى هذا الرجل؟

زُر بعضهم، عشر سنوات على ظهره وهو لا يتحرك إنما يُحمل، حتى قضاء الحاجة لا يستطيعها.

أخي الكريم! ماذا يتمنى هذا لو خرج لو عوفي؟

يتمنى لو طاف حول البيت يتمنى لو حضر هذه الحلقات يتمنى لو صلى في بيوت الله يتمنى لو حج إلى بيت الله، يتمنى لو جاهد في سبيل الله يتمنى لو أمر بمعروف أو نهى عن منكر يتمنى كل هذا، لكن أنى له؟! (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ).

وإليك -أخي الكريم- بعض ما نستغل به أوقاتنا في هذه العطلة، ولعل الواحد منا بعض الأحيان يشتكي لك من كثرة الأعمال، ولو فتَّشْتَ في وقته لرأيتَ الفراغ الكبير، وهو لا يدري، بل جاءني بعض الشباب فقال لي: مشغولٌ مشغولٌ مشغول! قلت: وما شغلك؟! فأعطاني بعض الأعمال، في العصر عمل، والمغرب عمل، والعشاء عمل، قلت له: الظهر، تضيِّع ثلاث ساعات على وجبة غداء، وتقول لي: مشغول؟! ثمان ساعات في الصباح تضيع عليك على مراجعة في مكان واحد وترجع، وتقول لي: مشغول؟! الليل تجلس وتضحك وتلعب حتى منتصف الليل، وتقول لي: مشغول؟! مشغولٌ بِمَ يا عبد الله؟! بعض الناس يضحك على نفسه وهو لا يشعر، بل بعض الناس خاسرٌ أشد الخسارة، وإن رأيتَه يقول: الحمد لله! أنا أستغل وقتي وأستفيد منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015