الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد:
نظرة سريعة إلى أعراسنا وولائمنا، وإلى الخيام التي توضَع وفيها ما فيها من مخالفات شرعية:-
أولاً: بعض الناس يأتي بالفرق الشعبية، التي تعزف وتغني:-
بل بعضهم يأتي لهم بأموال طائلة، لعل أموال الفرق تعدو أو تربو على أموال العرس كله، وعلى أموال الزواج كلها.
ثانياً: بعضهم يضع مكبرات الصوت فوق البيوت؛ لتغني تلك المغنية:-
وبعضهن -نعيذكم بالله من الفاجرات- تقول كلاماً بذيئاًَ، وبعضهن لا تستحي من بذاءة كلامها؛ فترفع الأصوات، ويسمعها الرجال، وتزعج البيوت، ويظن بعض الناس أنه من غناء النكاح، لا والله، إن هذا من المجاهرة بالمعصية وبالإثم، إنما العرس الذي هو على السنة: جوارٍ صغيرات يغنين، ويضربن بالدفوف بكلام حسن ليس فيه فحش ولا بذاءة، إما إن كُنَّ كبيرات فلا يسمعهن رجل مهما كان.
ثالثاً: لننظر إلى أعراس النساء وما فيها من الملابس الفاضحة:-
فإن المرأة تلبس في الأعراس من الملابس الفاضحة ما لا تلبس في غيرها، بل يحصل في كثير من الأعراس من الاختلاط ما لا يعلمه إلا الله، الزوج يدخل على زوجته أمام النساء، من يرى؟ يرى فلانة متعطرة متطيبة، وفلانة متبرجة، وفلانة كاشفة، وفلانة فيها ما فيها، ويدخل بين النساء، من الذي أباح له ذلك؟! ومن الذي سمح له بذلك؟! وأين الرجال الغيورون؟! أين الرجال الذين يمنعون نساءهم أن يدخل عليهن الرجال؟!
يا عباد الله! قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: (إياكم والدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟! -الحمو أخو الزوج- قال: الحمو الموت) فما بالكم بالغريب؟! ما بالكم بابن العم؟! ما بالكم بذلك البعيد الذي يدخل في صالة النساء وهن متبرجات متعطرات؟!
بل يحدث أكثر من هذا، لا يدخل الزوج فقط، بل يدخل معه بعض الرجال، إلى صالات النساء، وما أدراك ما فيها، بل إن المتحجبة فيهن من تغطي وجهها، وتستر نفسها، وترضى بالمنكر، نعم، ولقد أصابها شيء من الإثم، لكنه أهون من غيرها.
رابعاً: ما يحدث في كثير من ولائم المسلمين في هذا الزمان من الإسراف ومما لا يعلمه إلا الله:-
انظروا بعض الأعراس ماذا يحدث فيها من الأرز واللحوم والطعام المنتشر، بل تكاد براميل القمامة أن تمتلئ بهذا الطعام، الذي لو أُعطي قبيلة كاملة في بلد من الصومال أو غيرها لعله يشبعهم ويكفيهم، وهنا يُرمى في الزبالات والقمامات، لِمَ؟ ليقال: فلان كريم، وليقال: أولم بعشرين شاة، وليقال: نَحَرَ جَزُوراً، وليقال: سالت الدماء، وليقال: انظروا إلى كرمه، كل هذا افتخاراًَ وكبراً ومباهاة بين الناس: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:8] نعم، والله الذي لا إله غيره سيسأل عن هذا الطعام حبة حبة، وطعاماً طعاماً، أليس منا رجل رشيد يأخذ هذا الطعام المتبقي ويوزعه على الفقراء؟! أليس منا رجل عاقل يقدِّر الطعام: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31].
خامساً: ما يحصل في كثير من الأعراس من وضع مَنَصَّة:-
وما أدراك ما المنصة! تلك البدعة الجديدة، وتلك العادة الغريبة التي أُدخلت على بلاد المسلمين، حيث يجلس الرجل بجانب زوجته ليلاً؛ ليراه النساء، وليتمتعن بمشاهدته، ولينظرن إلى شكله.
يا عبد الله! إن كنت من الصالحين فلا تسمح بهذا، وإن كنت من عباد الله المتورعين المتقين فلا تسمح بهذا.
؛ إن كان عرسك أو عرس غيرك فعليك بمنعه، كيف يجلس الرجل أمام النساء متزيناً متطيباً والنساء ينظرن إليه؟! بل وينظر إليهن، بل أزيدكم أن في بعض الأعراس -أعاذنا الله وإياكم منها- من يُقَبِّل زوجتَه أمام الناس، وهذا حصل في بلاد المسلمين، والأمر غريب، والأمر عجيب! من أين تأتينا هذه العادات؟! بل يأتي من يصوره مع زوجته في وضع غريب وفي عادة سيئة، والنساء ينظرن إليه: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور:31].
سادساً: ما يحصل في بعض أعراس المسلمين من إسراف في إيجار بعض الصالات:-
كصالات الفنادق، وما أدراك ما تلك الإيجارات! إيجارات غالية، يستطيع أن يستبدلها ببعض الصالات الرخيصة التي يوفر فيها الأموال والأكل؛ إنها السمعة! إنه الفخر! إنه الكبرياء! إنها المباهاة! لا بد أن يكون في أفخم الصالات وأغلاها، وأرقى أنواع الأطعمة، وأكثر الأموال، بل في بعض الأعراس ما تُرمى فيه الأموال رمياً، وتنثر على كثير من المغنيات، وعلى كثير من الفرق؛ ليقال: انظروا إلى فلان كريم، وفلان عنده أموال، وفلان لا يبالي بالأموال: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش).
أسمعتم بقصة قارون؟! ما الذي خسف به الأرض؟! إنه الفخر والكبرياء.
سابعاً: ما يحصل في تلك الأعراس من لباس فيه حد يفوق الإسراف والله:-
بل لا أعرف له اسماً في مصطلح الشرع، تلبس بعض النساء فستاناً وثوباً بعضه يفوق آلاف الدنانير، لتلبسه ليلة واحدة، ثم أين؟ ترميه ولا تلبسه مرة أخرى؛ لتقول بين النساء: ثوبي في ليلة العرس بألف دينار، وبعضه من ألف وخمسمائة دينار، وبعضه من ألفي دينار، ثم لتلبسه ليلة واحدة، ثم تضعه، وبعض أولئك ما يكون من أعلاه إلى أسفله الذهب والفضة والجواهر الغالية التي والله أظن كما يظن غيري أنه فوق حد الإسراف، بل تجاوز حد شكر النعمة.
ثامناً: ما يحصل في أعراسنا من منكرات -وهذه بعضها، والمنكرات كثيرة- من تصوير للنساء بالأفلام والصورة الفوتوغرافية:-
ثم إذا أنت تطبع هذه الصور، وما أدراك من يراها؟! ولا تستحي -يا عبد الله- أن تنتقل هذه الصور بين الناس، وبين الرجال، وبين أقارب الزوج وأصدقائه، وأقرباء الزوجة وأصدقائها، ثم ينظر الناس، من هذه؟ ومن تلك؟ بنت مَن هذه؟ وأخت مَن هذه؟ وزوجة مَن هذه؟ أتعلمون لِمَ؟ لأننا سمحنا شيئاً فشيئاً بهذه المنكرات حتى أصبحت الأعراض أرخص ما لدينا، بل أصبح كشف أعراضنا، واختلاط نسائنا بالرجال أهون ما لدينا.
عباد الله: لنتق الله عزَّ وجلَّ، وليكن يوم العرس ويوم الوليمة يوم شكر لله، ولنعمة الله، لا يومَ كفر لله عزَّ وجلَّ، ولا للإسراف، ولا للزينة المحرمة والغناء المحرم، وليكن يوماً نذكر الله فيه ليبارك لنا في هذه الليلة، لا يوماً نكفر الله عزَّ وجلَّ فيه، فيلعن أصحاب تلك الليلة: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اللهم أعداءك أعداء الدين.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.