هذه المعالم كلها نستمدها من الذهاب إلى هذه الأماكن المباركة: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} [آل عمران:96 - 97] أي: واضحات، منها: مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ومقام إبراهيم هو: صخرة كان إبراهيم عليه السلام يقف عليها ليبني عالي الكعبة بعد أن ارتفع البناء، فكان يقف عليها ويناوله إسماعيل الحجارة، وكان المقام ملصقاً بالكعبة، وكان فيه أثر قدم إبراهيم، وربنا على كل شيء قدير، فأثرت قدم إبراهيم في الحجر، ثم بقي هذا الأثر إلى زمن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكان أبو طالب يستشهد به على نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ إذ كانت قدم النبي محمد مماثلة تمام التماثل لقدم إبراهيم عليه السلام، فكان أبو طالب يستشهد بذلك على نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام: (ورأيت إبراهيم فإذا أشبه الناس به صاحبكم) يعني: نفسه صلى الله عليه وسلم.
فلما جاء عمر أخر المقام أمتاراً عن الكعبة، وهي المسافة التي ترونها بين المقام وبين الكعبة الآن، فإذا ذهبنا إلى هذه الأماكن نصلي خلف المقام، ونتذكر نبي الله إبراهيم.
أما أهل الغواية فإلى أين يذهبون؟ يذهبون إلى مقابر الفراعنة، وإلى أهرامات الكفار المتسمون بـ (خوفو وحفرع ومنقرع) هؤلاء أهل كفر وضلال وغواية، فأي ذكرى تنفع من زيارة هؤلاء الكفار الذي ماتوا على الكفر؟ وقد قال نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في شأن قوم ثمود: (لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم).
إن رؤية أماكن الخير تذكرنا بالخير، وإن رؤية أهل الفضل تذكرنا بالفضل، وإن رؤية أهل القرآن تذكرنا بالقرآن، أما رؤية أهل الكفر فماذا عساها أن تذكر؟ وما عسانا أن نتذكر إذا رأينا صنماً لأبي الهول أو هرماً لخوفو؟ ماذا عسانا إن اللبيب يتذكر أن هؤلاء أئمة ضلال، ماتوا على الكفر إلى غير رحمة الله، فصاروا إلى الجحيم عياذاً بالله منها.