الحق الرابع: من حق الأخ على أخيه إن استطاع أن يعينه في أمر من أمور الدنيا ألا يبخل عليه، ويجب على الأخ أن يحسن الظن بأخيه إن طلب منه أمراً من أمور الدنيا، وعجز عن أن يساعده فيه، فلا يتهمه أنه فرط وضيع؛ لأن هذه هي حياة الأُخوة، فقد أكلفك بأمر وأنت تتمنى من كل قلبك أن تقضيه لي، ذهبت إلى موطن عملك ومنصبك فعجزت عن أن تؤدي لي هذه الخدمة، فهل أبغضك وأهجرك؟! لا، فليس هذا هو حسن الظن بالإخوة، فالتمس لأخيك الأعذار، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول -كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).
فيا أخي المسئول! يا من منّ الله عليك بمنصب! ويا من منّ الله عليك بمال! ويا من منّ الله عليك بوجاهة أو جاه، إن استطعت أن تنفع إخوانك فافعل ولا تبخل.
وبالمقابل يجب على الإخوة ألا يكلفوا إخوانهم ما لا يطيقون، فإن كلفوهم فعجزوا فليعذروهم، وما أجمل أن يقول الأخ لأخيه: أخي في الله! أسأل الله أن يجعلك مفتاح خير، وهذه حاجتي إليك، فإن قضيتها حمدت الله وشكرتك، وإن لم تقضها حمدت الله وعذرتك؛ هذه هي الأخوة! فعليك أن تعين إخوانك على حوائجهم الدنيوية على قدر استطاعتك؛ فإن الله جل وعلا يقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] وأنا لا أظن البتة أن مسلماً يستطيع أن ينفع إخوانه يسمع هذا الحديث الواحد فقط ويتخلى بعد ذلك عن أن ينفعهم ولو بكلمة طيبة، ولو بشفاعة مخلصة؛ فإن المحروم من حرمه الله من هذا الفضل، أسأل الله ألا يحرمنا وإياكم من فضله.