قرب الداعية إلى نفسيات المدعوين

كذلك ينبغي لمن يتابع الناس ويدعوهم إلى الله ويسير معهم أن يبقى قريباً من نفسياتهم، فإذا ما أرادوا التوبة وجدوا بجانبهم شخصاً رحيماً رفيقاً يفتحون صدورهم له ويقولون له: ماذا نفعل؟ بعض الناس قد يذنب فيحتاج إلى أخٍ له يقف بجانبه يقول له: يا أخي! أنا فعلت كذا ماذا أفعل؟ ماذا يجب علي؟ بعض الناس لا يرتاح حتى يقول كل الذنب الذي فعله بالتفصيل، هذه مسألة نفسية، بعض الناس المذنبين لا يرتاح، لا يستطيع أن يكتم مسألة بينه وبين نفسه، تجده لابد أن يفشي هذا الأمر إلى واحد من المقربين إليه، فلو كان المقرب إليه شخصاً واعياً فستجده يقول له كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لـ عائشة: (يا عائشة! إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله، فإن التوبة من الذنب الندم والاستغفار) فإذا وقع أد إخوانك في معصية، فهذا الرجل الذي وقع في المعصية يريد شخصاً يفرج عنه شيئاً في الموضوع فقد لا يستطيع لوحده، فأنت إذا أحسست أنه أخطأ وغالباً ما يظهر الخطأ عليه، إذا كان إنساناً صادقاً فإنه لابد أن هذه المعصية توجد عنده نوعاً من تأنيب الضمير، نوعاً من التغير، فأنت إذا وجدت رجلاً تغير فقد تأتي له وتقول: يا أخي إن كنت ألممت بذنب فاستغفر الله فإن التوبة من الذنب الندم والاستغفار، فقد يفتح لك الموضوع ويقول: أنا وقعت في كذا، أنا وقعت في فاحشة بدون تسمية، وأنت لا تدري ما هي درجة الفاحشة، ليس لازماً أن تقول: لا، تعال: أنا لا أحل لك المشكلة حتى تخبرني بالتفصيل ماذا فعلت وتعلمني من هي ومن هو وما الذي صار وإلى أي درجة، ليس هذا صحيحاً، فهذه مسألة بينه وبين الله، أنت تعطيه القاعدة الأساسية، تقول له: يا أخي الكلام الذي ذكرناه سابقاً في مواجهة من حصل منه الذنب، تقول له: تفعل كذا وكذا.

بعض الناس لا يرتاحون حتى يقول بالتفصيل، فقد جاءني مرة شخص قال: أنا طبعاً الذي يفعل هذا الأمر لا يدري كيف يفتح الموضوع أصلاً، لابد أن نعرف كيف نعامل عامة الناس، هذه نقطة مهمة، جاء يفتح الموضوع فتأثر ثم بكى، ثم بدأ يقول: أنا فعلت شيئاً ولا أدري ماذا أفعل لأن هذا الشيء في داخله مسألة ولا أدري كيف أحلها، طبعاً الكلام غير واضح، فأنت تقول له: يا أخي! تذكره برحمة الله وبوجوب التوبة، فقال الرجل: يا أخي أنا مشكلتي لا تنتهي بقضية أني أتوب وأستغفر، لأن المسألة وراءها أشياء، فالرجل يتلكلك في الكلام ويتلعثم، ثم قال: مشكلتي أني فعلت الفاحشة، ولا زال السؤال حائراً في ذهن الرجل، ما هو السؤال؟ ليست قضية التوبة فقط، إذاً هناك شيء آخر، قال: والمرأة التي فعلت فيها الفاحشة قد عقد عليها منذ أيام، والمهم في النهاية قال: وأنا الآن والله ما أدري ربما كانت حاملاً مني وستدخل في الرجل الجديد، سبحان الله يا جماعة! المعصية شؤم تبقى تطارد الواحد وأسواط المعصية تلسع، طبعاً تلسع الصادق أما ذاك المستهين فلا.

الآن مثل هذا الرجل عنده مشكلة لا يمكن أن تتحقق بقضية أنه فقط فعل الفاحشة يقول: هل أخبر زوج المرأة؟ صحيح ربما كانت حاملاً مني، يمكن أن يدخل بها الآن، طبعاً الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه زرع غيره) ما معنى الحديث؟ مزارع عنده بستان وفيه ساقية تسقي عنده في البستان وتذهب إلى جاره سمع الحديث: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه زرع غيره) قال: أنا أولى أن أطبق الحديث، فقطع الماء عن جاره، لماذا يا فلان؟ وترافعا إلى القاضي، قال: هذا حديث صحيح: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي بمائه زرع غيره) يجب أن تعلم ما هو شرح الحديث، ما هي أقوال أهل العلم، طبعاً الشرح: أنك أنت لا تدخل بامرأة طلقت أو مات عنها زوجها ولما يستبرئ الرحم ولما تتبين براءة الرحم لأنه يمكن أن يكون فيها شيء من زوجها الأول، فلو دخلت فيها تسقي بمائك "المني" زرع غيرك (الرجل الأول) هذا معنى الحديث.

فالآن الرجل عنده مسألة العقدة الآن، كيف أتخلص؟ هل يجب علي؟ أنا لا أطيل عليكم بشرح الأحكام وسألنا الشيخ الفلاني وقال كذا، إنما أقول هذا مثالاً على أن بعض الناس لابد أن تعلمه وتوضح له وتشرح له وتستقبله وتستفرغ ما في نفسه من الأشياء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015