الحمد لله الذي اصطفى لمحبته الأخيار، وصرف قلوبهم في طاعته ومرضاته آناء الليل وأطراف النهار.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مقلب القلوب والأبصار، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الأطهار، وعلى جميع أصحابه الأخيار من مهاجرين وأنصار، وعلى جميع من سار على نهجهم واقتفى آثارهم ما أظلم الليل وأضاء النهار.
أما بعد: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخواني في الله: الحمد لله الذي جمعني معكم في هذا البيت من بيوت الله، وبعد هذه الفريضة من فرائض الله.
الحمد لله الذي شرح بالقرآن صدورنا، وأنار بالإسلام قلوبنا.
الحمد لله حمداً وهو أهله، والشكر لله جميعه وكله.
يعلم الله حبي لكم في الله وشوقي إلى هذا المجلس من مجالس ذكر الله، شَكَرَ الله مسعاكم، وقرن بالجنة طيب خطاكم.
وأسأل الله العظيم أن يجمعنا بكم في جنان النعيم حيث الحفاء والتكريم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
إخواني في الله: إن الأخوة في الله والدين من أوثق عرى الإيمان بالله رب العالمين.
إنها الأخوة بكل ما تدل عليه من معاني الحب والوفاء والود الصادق والإخاء.
إنها الأخوة التي سار عليها سلف هذه الأمة من الماضين من العلماء العاملين، وطلاب العلم الصادقين، والأخيار والصالحين، ساروا على نهجها متحابين متآلفين، ساروا على نهجها متعاطفين متراحمين، ساروا على نهجها متناصرين متآزرين، يوم كان المسلمون كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)! يوم كان الإسلامُ وكان أهلُه! يوم كان القرآن وكان جيله! يوم كانت عيون المسلمين تسح بالبكاء والدموع لدموع إخوانهم في مشارق الأرض ومغاربها! يوم جمع الله القلوب على هذا الكتاب العظيم، وعلى هذا النور الكريم! فسبحان من جمع شتاتها! وسبحان من ألَّف بينها! وسبحان من وحَّد كلمتها! سبحانه! ما أعظم شأنه! يوم كان الإسلام وكان رجاله! يوم كان القرآن وكان رعيله وأجياله!