Q فضيلة الشيخ كيف نكسب الاستقامة ونحافظ عليها؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء؟
صلى الله عليه وسلم الاستقامة نعمة من الله جل وعلا لا يمكن أن تنالها إلا بدعوة صالحة، سل الله أن يجعلك من عباده المستقيمين، وأن يثبتك على ذلك إلى لقائه سبحانه وهو رب العالمين، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يقول في دعائه: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة) سل الله أن يرزقك الاستقامة.
ثانياً: أن تأخذ بالأسباب التي تعين على الاستقامة، وأعظمها وأجلها العلم النافع، فإن العلم النافع نور يستنير به الإنسان في طريقه إلى الله جل جلاله، اطلب العلم: فاحرص على مجالس العلماء، واحرص على محاضرات العلماء والدعاة إلى الله، واحرص على مجالس الذكر فإنهم قوم لا يشقى بهم جليسهم، فلا تزال تجلس مع الصالحين حتى يبلغك الله فضلهم، ولعلك أن تكون خيراً منهم فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، الحرص على مجالس العلماء والأخيار من أعظم الأسباب التي تعين على الاستقامة، فكثير من الشباب -إلا من رحم الله- يستقيم، ثم يحس بظلمة قلبه وقسوته؛ لأنه كان في بداية أمره لا يسمع بمجلس ذكر إلا حضره، ولا يسمع بكلمة خير إلا أصغى إليها وفتح قلبه لها وطبقها بجوارحه وأركانه، فلما غير من حاله غير الله عنه، وصدق الله إذ يقول: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].
الأمر الثالث: جناحا سلامة تطير بهما إلى الله: خوف صادق من الله، ورجاء صادق في رحمة الله، فتربي قلبك على الخوف الصادق من الله جل جلاله، واستشعارك دائماً لعظمة الله وبطشه وهيبته، وأنك تحت رحمته جل جلاله.
وأيضاً: حبك الذي هو الرجاء، وحبك لرحمة الله وشوقك إلى حلمه وعفوه وإحسانه ومنه وكرمه، فإذا حصل عندك الأمران: الخوف الصادق، والرجاء الصادق أمنت وسرت على نهج الله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء:90]، هؤلاء أهل الاستقامة يقول الله عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء:90] يدعوننا رغباً فيما عندنا من الخير ورهباً من الوعيد، وما عندنا من العذاب والنكال: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ} [الدخان:47 - 48] خوف من الله جل جلاله، والاستشعار لظلمات القبر، وهول البعث والنشر، وزلات الصراط، وهيبة سؤال الله جل جلاله يوم القيامة، فإذا استشعرت هذا الخوف نقلك إلى الطاعات وجعل أخلاقك حميدة وسيرتك سوية مستقيمة، كلما دعتك نفسك الأمارة بالسوء حبسها ومنعها الخوف من الله جل جلاله، وشوقها -إذا حصلت منها السآمة والملل في طاعة الله- إلى نعيم الله ورحمته، فالدعاء وغشيان حلق الذكر والخوف الصادق والرجاء الصادق في الله جل جلاله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة:16] فاحرص رحمك على هذه الثلاث الخلال، أسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده المستقيمين.
والله تعالى أعلم.