Q ما حكم لبس الثوب والكم القصير أمام النساء، وكذلك الثوب الضيق، ثم نريد كلمة في تربية أبنائنا تربية إسلامية، وترسيخ الدين في أذهانهم، وفقكم الله؟
صلى الله عليه وسلم أما بالنسبة للمسألة الأولى: فقد شاع وذاع بين النساء لبس هذا القصير، ونسأل الله بعزته وجلاله في هذا المكان الطيب الطاهر المبارك أن يذهب هذه العادة الممقوتة التي لا خير فيها، اللهم بعزتك وبجلالك نسألك أن تهدي قلوب النساء وأن تصلحهن وأن تنزع من قلوبهن هذا المرض العظيم، كشف المرأة عن ساقها وفخذها، والغريب أن بعض اللاتي يدعين العلم -نسأل الله السلامة والعافية- يحتج بعضهن: بأن العلماء رحمهم الله يقولون: عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل.
هذا صحيح، ولكن الآن لو أن رجلاً دخل علينا وهو لا يلبس إلا سروالاً قصيراً وفنيلة إلأى نصف كمه، تسقط عدالته بإجماع العلماء، وترد شهادته؛ لأن هذا الفعل ينبئ عن ضعف عقله -والعياذ بالله- وأنه قدوة سيئة، ليس في الإسلام فقط الواجبات، هناك الكمالات، وهناك العرف والحياء الذي ينبغي للإنسان أن يصونه عما لا يليق، صحيح هذا الأمر ذكره العلماء، لكن ذكروا ضابطاً له عورة المرأة مع المرأة، إذا كان الأمر هو وجود عرف وضوابط فالإجماع منعقد على أن العادة محكمة، والله ردنا إلى العرف، فقال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:228] وأجمع العلماء على أن أمور اللباس والهيئات مردها إلى الأعراف بشرط ألا تعارض شرع الله، فكيف إذا وافقت شرع الله، المرأة التي تلبس إلى نصف ساقها، في هذا المجتمع المعروف بالمحافظة والالتزام والحياء والخجل ذاهبة المروءة -والعياذ بالله- ساقطة العدالة، وينطبق عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت) فلو كانت تستحي وفيها مروءة ما فعلت هذا، ففعلها هذا يدل على ضعف العقل -نسأل الله السلامة والعافية- قال بعض العلماء: ضعف المروءة مقرون بضعف العقل.
فالمرأة التي تفعل ذلك لا عقل عندها، لأن العقل يعقل -وسماه الله عقلاً، وسماه حجراً؛ لأنه الذي يعقل الإنسان ويحجره، أي: يمنعه عما لا يليق به- فإذا نزع هذا النور -نسأل الله ألا ينزعه منا ومنكم- أظلم صاحبه فأصبح يتخبط خبط عشواء -أعوذ بالله- إذا جلست المرأة كاشفة لساقيها في مجمع النساء، هل يرضيك لو رأيت أمك بهذه الصفة؟ أمَّا أن تنعم عينك بأن ترى أمك بهذه الصفة كاشفة عن فخذيها بين النساء فهذا تهتك وانحلال، نسأل السلامة والعافية، ونعوذ بالله عز وجل من هذه الأخلاق الرديئة التي دخلت على بيئة المسلمين.
فينبغي على النساء أن يتناصحن، وأن يأتمرن بأمر الله عز وجل، وأن يتقين الله جل وعلا، يتقين الله في البنات، ويتقين الله في النشء، فإن النشء يتأثر، إذا نشأت المرأة نشأت وأمها تحتجب حتى في البيت تستحي بعض الأحيان إلى عهد قريب، بل لا زال من النساء الصالحات من تستحي أن تكشف شعرها لولدها، إي والله من النساء صالحة تستحي أن تكشف شعرها لولدها، ولما سئل الإمام أحمد رحمه الله عن المرأة تكشف ساقها لأخيها ومحرمها، وساعدها كذلك، قال: أخاف عليها الفتنة، مع أنه محرم، وبذلك لا ينبغي إحداث هذه القدوة السيئة، وهذه الصور التي تدل على ضعف العقل، ينبغي المحافظة على الأخلاق الكريمة وصيانتها والدعوة إليها، والتحبيب فيها، والحرص كل الحرص على هذه الأخلاق الطيبة التي جعلها الله في الناس على فطرهم، فهذه فطرة الله التي فطر الناس عليها، فنسأل الله العظيم أن يهديهن وأن يصلحهن، وأن يزيل عن هذا المجتمع الطاهر هذه المنكرات والأخلاق والأدواء إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أما الثوب الضيق فلا يليق بالمرأة، ضيق الله عليها كما ضيقت ثوبها، المرأة التي تضيق ثوبها ماذا تريد أعوذ بالله -نسأل الله السلامة والعافية- فالمرأة تفكر، هذه امرأة مثلها، ماذا تريد بلبس الضيق؟ ما تريد إلا تشبهاً بكافرات -والعياذ بالله- أو عاهرات فاجرات -نسأل الله السلامة والعافية- هل هذا من صنيع الصالحات أن تلبس المرأة لبساً ضيقاً أمام أخواتها من النساء؟ ماذا تريد؟ المرأة تتزين لزوجها، تتزين لبعلها، أما لأخواتها فتتزين بالمعروف، ولذلك لبس الضيق يعتبر أقل ما فيه كما قال العلماء رحمهم الله أنه ككشف العورة؛ ولذلك الآن الذي نشأ بين بعض النساء لبس هذا اللباس الذي هو العباءة المفصلة، اليد على حدة، وغيرها على حدة هذا لا يجوز؛ لأنها إذا فصلت يدها على حدة عرف جرمها، وتحدد الجرم، لكن لو لبست عباءتها، ما عرف شيء من تفاصيل جسمها، بل كان بعض العلماء يقول: لا يجوز للمرأة أن تجعل عباءتها على عاتقيها؛ لأنها إذا جعلت غطاءها للرأس عرف حجم رأسها، والمرأة تفتن بكل صورها، ولكن انظر إليها وهي في عباءتها قد وضعت عباءة على رأسها لا ترى فيها شيئاً، وتحس أنك أمام امرأة، ولية لله جل جلاله، تخاف الله وتراقبه، وتتقي الله في عباد الله المؤمنين، والعكس بالعكس، نسأل الله العافية والسلامة.
أما تربية الأبناء فجماع الخير في تقوى الله، الابن تربيه بأمرين: الأمر الأول: القول السديد والنصيحة الهادفة، أن يكون قولك سديداً، دائماً تعاهده بالنصيحة في المواطن والمواضع المؤثرة، وحببه في طاعة الله، واغرس في قلبه محبة الله ومرضاته، وذلك قربة وحسبة، هذا أول شيء في لسانه، الشيء الثاني: في جوارحك وأركانك قدوة حسنة توجدها لهذا الابن الصالح، تأمره بالبر فإذا بك أبر الناس بوالديك، تأمره بصلة الرحم وإذا بك أنت الذي تصل الرحم، وتأخذه إلى صلة الرحم وتعويده على الخير بالقدوة الصالحة، الأبناء يتأثرون بالآباء، والبنات يتأثرن بالأمهات، ولذلك حق على الآباء والأمهات التربية الصالحة بالقول والعمل، وذلك كله لا يكون إلا بعد توفيق الله، والأخذ بالأسباب الصالحة، إن وجدته مع الصالحين ثبته وشجعته وأعنته، وإن وجدته مع غير أولئك سحبته وحذرته وخوفته وقرعته، إن أساء ذكرته بالله، وإن أحسن شكرته وثبته على طاعة الله، وبذلك تنعم عينك بذرية صالحة، رفعت الأكف إلى الله من أنبياء الله أن يرزقهم الأبناء الصالحين: {هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران:38] كان هذا من دعاء الأخيار والأنبياء، وذكر الله عز وجل عن عباده الصالحين: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان:74] لأن العيون تقر عندما ترى ابناً صالحاً يحدثك، وقد يكون أصلح منك، فتقول: الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعبد الله لا يشرك به شيئاً، الحمد الله الذي أخرج من صلبي من يسجد لله لا يسجد لأحد سواه، والله تعالى أعلم.