إذا أراد الله أن يسعد العبد كان أول ما يوفقه إليه هو الإيمان بالله جل جلاله، فمن عرف الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ورزقه الله سلامة الإيمان واستقامة الجنان وصوَّب الأمور كلها للواحد الرحمن، واعتقد من قرارة قلبه ألا ملجأ ولا منجى ولا مفر من الله إلا إليه.
السعيد الذي ملأ الله قلبه بالإيمان فإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، لا تتبدل أحواله ولا تتغير هدايته، قد جعل الجنة والنار نصب عينيه، فهو يعمل للجنة ويفر من النار.
إذا أراد الله أن يسعد العبد رزقه انشراح الصدر بذكره وطمأنينة القلب بالإنابة إليه وشكره، فالذاكرون الله كثيراً والذاكرات هم السعداء، وإذا أراد الله أن يسعد العبد رزقه قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، فأصبح لسانه لا يفتر عن ذكر الله جل جلاله، وأصبحت ساعاته وحركاته وسكناته كلها لله سبحانه وتعالى، ينتقل من طاعةٍ إلى طاعة، ومن برٍ إلى بر، ومن خيرٍ إلى خير، لا يسأم ولا يمل، وقلبه متعلق بالله سبحانه وتعالى.
سعادة المؤمن في ذكر الله، ولقد سبق المفردون (قالوا: يا رسول الله! من هم المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات) فإن كلمة واحدة من ذكر الله قد تسعدك إلى لقاء الله، وذكر الله سبحانه وتعالى عظيمٌ عند الله، قال صلى الله عليه وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) فمن أكثر من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل وصوَّب الأمور كلها لله فقد كملت سعادته وعظمت هدايته.