قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل).
رحلة غريب رحلة غريب رحلة غريب.
سفري بعيد وزادي لن يبلغني وقوتي ضعفت والموت يطلبني الموت.
!! {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران:185].
طويت الصفحات، وصرت في عداد الأموات، كأن لم تكن في الدنيا.
القبر!! وأنزلوني إلى قبري على مهل وقدموا واحداً منهم يلحدني وكشف الثوب عن وجهي لينظرني.
القيامة!! وخرجت من تلك الأجداث وتلك القبور إلى ربها حفاة عراة غرلاً، فلا أنساب ولا أحساب.
الحساب!! {قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} [ق:28] * {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق:29].
حطت الرحال، ففريق في جنة الله الكبير المتعال في دار الخلد والإجلال، وفريق في دار الخزي والندامة والعذاب والملامة.
{فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى:7].
وبدأت الرحلة وبدأت الرحلة.
{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق:19].
إنها بداية الرحلة إلى الآخرة، إنها بداية عظيمة! فتخيل نفسك إذا ضعف جنانك، وثقل لسانك، وكثرت خطوبك، وعظمت كروبك، إذا عرضت عليك عند كشف الغطاء ذنوبك! إنها اللحظة التي يعرف الإنسان فيها حقارة الدنيا إنها اللحظة التي يحس الإنسان فيها أنه فرط كثيراً في جنب الله إنها اللحظة التي يحس الإنسان فيها بالحسرة والألم على كل لحظة فرط فيها في جنب الله، ينادي: رباه! رباه! {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:100].
يا زلة كتبت في غفلة ذهبت يا حسرة بقيت في القلب تحرقني {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:99 - 100].