Q أنا شاب قد أهجر أهلي في المأكل والمجلس بسبب بعض المعاصي كالتلفاز وغيرها, وأخرج لصلاة الفجر ولا أرجع إلا بعد منتصف الليل, فانصحني جزاك الله خيراً إلى الطريق المستقيم؟
صلى الله عليه وسلم الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد: فاعلم أخي رحمك الله أن لأهلك عليك حقاً ولزوجك عليك حقاً, وكون الأهل في إساءة وذنب لا يدعو ذلك مثلك أن يذنب وأن يسئ, إن هجر النساء في الفرش باب من أبواب الإساءة, ولا يجوز فعله إلا إذا ترتبت على ذلك المصلحة الشرعية, ولذلك أخبر الله تعالى أن اللاتي يخاف نشوزها أنه ينبغي عظتها وزجرها, فإن لم تتعظ فإنها تهجر في المضاجع بقدر, وإذا كان الإنسان يديم هجر أهله حتى يخشى وقوعهم في الزنا فإن ذلك لا يجوز؛ لأن المفسدة لا تدرأ بالمفسدة, والشر لا يدفع بالشر, وكونهم أخطئوا فيما بينهم وبين الله لا يوجب لك أن تخطئ في حقهم, ولذلك قال الله عن الوالدين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:15] فأمر الابن أن يؤدي حق الوالدين مع كفرهما وشركهما, فاستنبط العلماء من هذا دليلاً على أن الإنسان إذا أساء إليه الغير أن ذلك لا يفتح له باب الإساءة للغير, أعطهم حقهم كاملاً.
وأما ما بينهم وبين الله فأوصيك بأمور: ذكرهم بالله, واستدم نصحهم وتوجيههم إلى صراط الله, فهذا هو الذي عليك, وأما ما عدى ذلك فلست عليهم بمسيطر, إن عليك إلا البلاغ والله يتولى العباد, والله تعالى أعلم.