إن هناك أعداء أعظمهم عدونا إبليس الذي أقسم على تفريق هذه القلوب، هذا العدو دائماً يأتيك بالضغائن وبالمنغصات التي تنغص الأخوة، ولذلك يقع الخطأ من بعض إخوانك - مثلاً - يمر عليك ولا يسلم لكونه مشغول البال، فيأتيك الشيطان فيقول: فلان لا يحبك، فلان يكرهك، فلان يخالفك، فلان كذا وكذا، وهكذا وحتى تتربى أو يتربى في ذلك القلب الحقد على أخيه المسلم؛ فلذلك يحذر المسلم إذا جاءته وساوس الشيطان أو ألمت به خطرات ذلك العدو اللدود برئ إلى الله وضرع إلى الله فقال: أعوذ بالله، قال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسراء:53] قل لعبادي، أي: قل لأهل الإيمان، قل للذين يرجون لقائي، انظر أسلوب التشويق، ووالله بمجرد ما تقرأ بداية الآية: (قل لعبادي) كأنها تشعر بأن الذي يتخلق بهذا الخلق عبد صادق لله.
قل يا محمد لعبادي الذين يرجون لقائي ويرجون محبتي، قل لعبادي وينسبهم إليه جل شأنه مثلما قال: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ} [الفرقان:63].
يقول بعض العلماء: من أجل الأوصاف وصف العبد بالعبودية لله، ولذلك لما أراد الله أن يشرف نبيه قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء:1] فرفعه وشرف قدره، كذلك أهل الإيمان شرفهم فقال: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء:53] إذا جاءك إنسان بضغينة أو جاءك فقال لك: فلان يقول كذا وكذا، فهناك حسن وهناك أحسن ما قال: يقولوا حسنى، بل: يقولوا التي هي أحسن أفعل التفضيل، يدل على أنك لا تبادل الإساءة بالإساءة؛ لأنه إذا أساء الغير فمن حقك أن ترد الإساءة بالإساءة، ولكن الأحسن أن ترد الإساءة بالإحسان: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34] يقول تعالى مبيناً فضل عباده المتقين: {فَبَشِّرْ عِبَادِ} [الزمر:17] من هم يا رب؟: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر:18].