Q توجد ظاهرة بين الأخوات الملتزمات وهي: أن بعضهن تلتزم باللبس والحجاب والزينة الإسلامية، ولكنها تمر أحياناً بانتكاسات، فتجدها -مثلاً- في أكثر الأيام ملتزمة بما شرع الله، فتلتزم باللبس والحجاب والزينة، ولكن يحدث لها في إحدى الأيام أن تنتكس فتلبس الملابس القصيرة والضيقة، وتسرح شعرها وتقصه كفعل الفاسقات، وتلطخ وجهها بالمساحيق، ثم تعود بعد ذلك من جديد لحشمتها والتزامها، فما هي أسباب هذه الانتكاسات؟ وكيف علاجها؟
صلى الله عليه وسلم الانتكاسة -والعياذ بالله- عن طاعة الله أسبابها كثيرة أعظمها وأهمها: السبب الأول: ضعف الإيمان في القلوب؛ فإذا قوي الإيمان في القلب تعلق القلب والقالب بالله، وصار القلب إلى الله، وتبعته الجوارح إلى رحمة الله، فالعين تنظر بطاعة الله، والسمع يسمع ما أمر الله، والبصر يبصر ما أذن الله، واللسان يتكلم بما أذن الله، فإذا ضعف هذا الإيمان تنكبت الجوارح في معصية الرحمن.
أول ما تحرص عليه المؤمنة التي تريد الثبات على هدايتها وعقيدتها بربها، بأسمائه، وصفاته، وبألوهيته وربوبيته، الأسماء والصفات تخوفها من الله، وتجعلها في طمع برحمة الله، والإيمان بألوهية الله يجعلها متعلقة بالله وحده لا إله إلا هو، وإيمانها بربوبية الله يجعلها في حياء من الذي أطعمها وسقاها وكفاها وآواها؛ فتكون سائرة على طاعة ربها ورحمة خالقها.
وهذا الإيمان يأتي بأسباب أعظمها: القرآن، أن تدمن المرأة التفكر والتدبر لآياته، والتأثر من زواجره وعظاته.
السبب الثاني الذي يدعو إلى الانتكاسة -والعياذ بالله-: هن قرينات السوء، الداعيات إلى الردى، المانعات من سبيل الرضا، المثبطات عن طاعة الرب جل وعلا، صديقات سوء، كلامهن يقسي القلوب ويصرفها عن محبة علاَّم الغيوب ومرضاته، صديقات سوء غضب الله عز وجل من كلامهن فلم يقلن من الكلام ما يرضيه، فأصغت تلك المرأة وتساهلت في إصغائها فنفذت تلك الكلمات التي لا ترضي الله إلى قلبها، فحببتها في معصية الله، ودعتها إلى سخط الله والعياذ بالله، فما أشقاها من جليس كان عوناً على سبيل إبليس! وما أشقاها من امرأة لا تعرف حدود الله! فالله الله -يا أيتها المؤمنة- أن تتساهلي في صحبة الأشرار، إذا رأيت المرأة على طاعة الله فاجعليها مثالاً لك في سبيل الله ومرضاته، وإن رأيتها على معصية الله فكوني معها على حالين: الحالة الأولى: تذكير بالله.
والحالة الثانية: إن لم تتذكر فصدود وإعراض عنها يرجى به رحمة الله.
السبب الثالث من أسباب الانتكاسة: عين تمتعت بالحرام، وأذن أصغت إلى الفواحش والآثام، فقادت تلك العين القلب إلى معصية الله، وقاد ذلك السمع القلب إلى حدود الله، فالجوارح هي التي توجب الانتكاسة، وتوجب -والعياذ بالله- الارتكاس، كم من جارحة أصغى بها العبد فأوردته الردى، وصدته عن سبيل الهدى فعاش عذابها وبلاءها، فالمؤمنة التي ترجو الثبات على طاعة رب البريات تحفظ سمعها وبصرها ولسانها وفؤادها عن حدود الله ومحارمه.
إذا أردتِ الثبات إلى الممات فأسكني قلبك ذكر الآخرة، والمصير إلى الله عز وجل في السفينة الماخرة، تذكري أن الأيام تنقضي، وأن الأعمار تنتهي، وأن الآجال توجب قطع الآمال، فما من امرأة تذكرت مصيرها إلى الله إلا ثبتت على طاعة الله ومحبته.
ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يثبت قلوبنا على طاعته ومحبته، والله تعالى أعلم.