Q يقول بعض طلاب العلم: إني أخشى أن أدعو إلى عمل ولا أعمله فآثم على ذلك، فما رأي فضيلتكم؟
صلى الله عليه وسلم بعض طلاب العلم يمتنع من الدعوة إلى الله، والدعوة إلى الخير، يقول: لأني لا أعمل، وهذا فيه تفصيل؛ لأن الإنسان إذا عجز عن العمل لعذرٍ يقوم به، أو لم يستطع أن يفعل هذه الأعمال الصالحة لعذر يقوم به؛ فإنه بالإمكان أن ينال الخير بالدعوة إلى الخير، ولذلك الناس يختلفون.
فمثلاً: لو أن إنساناً كان قليل ذات اليد ليس عنده مالٌ يتصدق به، فإنه لا يقول: لا أدعو الناس إلى الصدقة؛ لأنني لا أتصدق، بل يدعو الناس إلى الصدقة.
ولذلك المراتب مختلفة: فأعلاها أن يجمع الله للإنسان بين الدعوة لفضائل الأعمال والعمل بها، ودونها أن يدعو وأن يمنع ويحال بينه وبين العمل بالعجز، فيكتب له الأجر إن شاء الله تعالى، كما في الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام: (هذا بعمله وهذا بنيته).
فكون الداعية يمتنع عن الدعوة إلى الخير لقوله: لا أعمل في فضائل الأعمال، هذا محل نظر، بل ينبغي عليه أن يدعو حتى ينال الأجر بالدعوة، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يندب أصحابه إلى دعوة الناس إلى الخير؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان وأصحابه في قلة من ذات اليد، وكان يأمر بالصدقات ويحث عليها صلوات الله وسلامه عليه، كما ثبتت في ذلك الأحاديث الصحيحة.
ومنها قصة غزوة تبوك صلوات الله وسلامه عليه نادى المؤمنين إلى الإنفاق، فإذا عجز الإنسان عن العمل الصالح لقصور به أو ضيق وقت، أو وجود مشاكل أو تحمل أمور تشغله عن القيام بعمله، فلا يمتنع من أمر الناس بالخير، وهل كل إنسان يعمل بكل ما يدعو إليه؟ هذا أمر من الصعوبة، لو قلنا إنه لا يدعو إلا بما عمل، ولكن يكون في نفسه أنه ترك العمل لعذر.
أما -والعياذ بالله- إنسان يدعو الناس إلى الخير وهو زاهدٌ فيه هذا هو الذي فيه الوعيد -نسأل الله السلامة والعافية- عنده مال ويقول للناس: تصدقوا فإذا دعي للصدقة انكف وانزجر -نسأل الله السلامة والعافية- فهذا هو الذي فيه الوعيد، وفيه حديث الرجل الذي تندلق أقتابه -أمعائه- في النار فيلتف عليه أهل النار ويقولون: (يا فلان! ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: نعم، كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه) نسأل الله السلامة والعافية! فهذا يقع بأسوأ الأحوال يوم القيامة.
لذلك إذا كان الإنسان تقصيره من استخفاف ونحو ذلك فهذا هو الذي يخشى عليه، أما إذا كان لضيق ونحوه فإنه معذور.